وإنّ كلابا هذه عشر أبطن |
|
وأنت بريء من قبائلها العشر |
فأنّث والبطن مذكر ، لا خلاف فيه ، لأنّه جعل البطن قبيلة فحمله على المعنى ، وفسر ذلك بقوله : وأنت بريء من قبائلها العشر ، ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) [الأعراف : ١٦٠] ، فأنّث والسّبط مذكر لأنّه أراد بالسّبط الأمة والجماعة ، وفسّر ذلك بقوله : (أَسْباطاً أُمَماً) فقر الأسباط بالأمم ، وفي هذه الآية سؤال آخر أن يقال : لم قال : اثنتي عشرة أسباطا ، ففس بالجمع ولم يقل اثنتي عشر سبطا ، كما تقول : رأيت اثنتي عشرة امرأة ، ولا تقول : نساء ، ولا يفسر العدد بعد العشرة إلى التسعة والتسعين إلّا بواحد يدل على الجنس ولا يفسر بالجمع؟ والجواب في ذلك : أنّه لمّا قصد الأمم ولم يقصد السّبط نفسه لم يجز أن يفسره بالسّبط نفسه ويؤنث ، ولكنّه جعل الأسباط بدلا من اثنتي عشرة ، وهو الذي يسميه الكوفيون المترجم ، فهو منصوب على البدل لا على التمييز ثم فسّره بالأمم ، ولو جاء بالأمة لقال : اثنتي عشرة أمة ولم يقل أمما لأنّه قد طابق اللفظ المعنى.
المسألة السابعة
قولك : ما العلة في تحريك أرضين ولم يحركوا خمسين في العدد العلة في ذلك أنّ الأرض مؤنثة لا خلاف في ذلك ، ويقال في تصغيرها : أريضة ، وما كان من المؤنث على ثلاثة أحرف لا هاء فيه للتأنيث فهو بمنزلة ما فيه هاء التأنيث ، لأنّها مقدّرة فيه ، ألا ترى أنّها تردّ في التصغير فيقال في تصغير هند وعين وشمس وأرض : هنيدة وعيينة وشميسة وأريضة؟ هذا مطرد غير منكسر ، إلّا ما كان من نحو : حرب وذود وما أشبه ذلك ، فإنّ الهاء لا تلحقها في التصغير لأنّها في الأصل مصادر سمّي بها ، وما كان على ثلاثة أحرف من الأسماء المؤنثة ساكن الأوسط منه مفتوح الأول نحو : صحفة وجفنة وضربة ، فإذا جمع جمع السلامة فتح الأوسط منه ، فقيل : صحفات وجفنات وضربات ، وأرضات كذلك أيضا تحرك لأنّها اسم مؤنث ، ولذلك قالت العرب في جمعها الصحيح : أرضات ، ثمّ لمّا قالوا : أرضون فجمعوها بالواو والنون تشبيها لها بمائة وثبة وعزة وبابها ، لأنّها مؤنثة كما أنّها مؤنثة ، وإن لم تكن مثلها في النقصان ، لأنّهم قد يشبّهون الشيء بالشيء وإن لم يكن مثله في جميع أحواله ، حرّكوا أوسطها بالفتح كما يحركونه مع الألف والتاء لأنّه هو الأصل فقالوا : أرضون ففتحوا كما قالوا : أرضات ففتحوا لأنّ ذلك هو الأصل ، وهذا داخل عليه.
قال سيبويه : فقلت للخليل : فلم قالوا : أهلون فأسكنوا الهاء ولم يحركوها كما حركوا أرضين؟ فقال : لأنّ الأهل مذكر ، فأدخلوا الواو والنون فيه على ما يستحقه ولم