يسأل عن شيء فكيف يجيب فيه؟ أي : لو سئل لأجاب ، ووجه الرفع على العطف ، ما يسأل زيد عن شيء فيجيب فيه ، أي : ما يسأل عن شيء وما يجيب فيه ، وهو قبيح لأنّ ما لا يسأل عنه لا يجاب عنه ، ولكنه جائز مع قبحه ، يدخل في النفي مع الأوّل.
وأما قولك : «ما يسأل زيد عن شيء فيخطئ فيه» فليس فيه إلّا النصب ، لأنّ وجه العطف فيه غير مستقيم ، ألا ترى أنّك لو قلت : ما يسأل عن شيء وما يخطئ فيه كان غير مستقيم ، فالابتداء به وقطعه عمّا قبله غير جائز ، فليس إلّا النصب على الجواب ، وفيه المعنيان اللّذان في المسألة الأولى ، «ما يسأل زيد عن شيء فيخطئ فيه» بالنصب ، والتقدير إلّا لم يخطئ فيه ، أي : قد يسأل فلا يخطئ ، والوجه الآخر : ما يسأل زيد عن شيء فيخطئ فيه ، أي : فكيف يخطئ فيه ، أي : لو سئل لأخطأ.
المسألة العاشرة
قولك : ما السبب في قولهم في النسب إلى طيّئ : طائيّ ، وما الأصل في طيّئ ومن أيّ شيء اشتقاقه؟.
أمّا قولهم في النسب إلى طيّئ : طائي فالنسب في كلام العرب على ثلاثة أضرب : ضرب منه جاء مصروفا عن وجهه وحدّه شاذّا ، فسبيله أن يحفظ حفظا ويؤدّى ولا يقاس عليه ، وذلك قولهم في النسب إلى العالية : علويّ وإلى الشتاء : شتويّ وإلى الدّهر : دهريّ وإلى الروح : روحانيّ وإلى درابجرد : دراورديّ ، وإلى طيّئ : طائيّ ، وإلى الرّيّ : رازيّ وإلى مرو : مروزيّ بزيادة الزاي ، وقد قيل : مرويّ على القياس ، وقالوا في النسب إلى هذيل وفقيم كنانة : هذليّ وفقميّ ، والقياس : فقيميّ وهذيليّ ، وقالوا في النسب إلى البادية : بدويّ وإلى البصرة : بصريّ بكسر الباء ، هذا قول سيبويه (١) ، وقال غيره : بل قولهم : بصريّ قياس لأنّه يقال للحجارة الرّخوة : بصرة بفتح الباء وإلحاق هاء التأنيث ، وبصر بكسر الباء وحذف الهاء لغتان ، قالوا : ويلزم في النسب حذف الهاء ، فإذا حذفت الهاء لزم كسر الباء ، وهذا مذهب حسن ، ومن ذلك قولهم في النسب إلى الأفق (٢) : أفقيّ وإلى حروراء (٣) وهو موضع : حروريّ وإلى جلولاء (٤) جلوليّ وإلى خراسان : خرّسيّ وخراسانيّ على القياس ، ثلاث لغات حكاها
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٣٧٤).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ٣٦٨).
(٣) حروراء : قرية بظاهر الكوفة. (معجم البلدان ٢ / ٣٤٦).
(٤) جلولاء : مدينة قديمة مشهورة بإفريقيا ، ولها حصن وعين ثرة في وسطها. (الروض المعطار في خبر الأقطار (ص ١٦٨).