المسألة الحادية عشرة
وهي آخر مسائلك ، وهي قولك : ما وزن أرطى وأفعى وأروى ، وهل هي على وزن أفعل أم الألف في آخرها منونة؟
أمّا أرطى فللعرب فيها مذهبان : أكثرهم على أنّ الهمزة في أوّلها أصلية ، والألف في آخرها مزيدة للإلحاق ، فتقديرها فعلى ملحق بفعلل نحو : جعفر وسلهب ، فالألف ألحقته بهذا البناء ، والدليل على ذلك قولهم : أديم مأروط إذا دبغ بالأرطى ، ولو كانت الهمزة مزيدة وكان على وزن أفعل لقيل : أديم مرطيّ ، والأرطى جمع واحدتها أرطاة ، وهي شجرة تدبغ بها العرب ، وذكر الجرميّ أنّ من العرب من يقول : أديم مرطيّ ، فأرطى على هذا التقدير أفعل ، والهمزة في أولها زائدة ، فإذا سمّي بها مذكر على المذهب الأول وهو المشهور المعروف لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة ، وإذا سمي بها في المذهب الثاني مذكر لم ينصرف أيضا في المعرفة وانصرف في النكرة ، فأمّا الآن في موضعها وهي شجر فهي مصروفة للنكرة ، فتقول : أرطاة وأرطى كما ترى مصروف واحده وجمعه لأنه نكرة ، وذكر سيبويه (١) وغيره من النحويين أنّ الاسم إذا كان أربعة أحرف بهمزة في أوله حكم عليها بالزيادة ، نحو : أفكل وأيدع وما أشبه ذلك ، وإنّما ويحكم على الهمزة هاهنا بالزيادة لكثرة ما جاءت زائدة في هذا النحو مما يدل الاشتقاق على زيادتها فيه ، نحو : أحمر وأصفر وأخضر وأحمد وما أشبه ذلك ، فألحق ما لا اشتقاق له به إلا أسماء قام الدليل على أنّ الهمزة في أوائلها أصلية ، وهي أرطى وإمّعة وأيصر.
فأمّا أرطى فقد مضى القول فيه ، وأمّا إمّعة (٢) فالدليل على أنّ الهمزة في أولها أصلية أنّه ليس في الكلام إفعلة وإنّما هو فعّلة مثل : دنّمة وهو القصير ، وأمّا أيصر فالدليل على ذلك أنّهم قالوا في جمعه : إصار ، وهو كساء يحتشّ فيه ، قال الشاعر : [المتقارب]
٤١٧ ـ [فهذا يعدّ لهنّ الغلى] |
|
ويجمع ذا بينهنّ الإصارا |
وأمّا أفعى فالهمزة في أوّلها مزيدة ووزنها أفعل ، إلّا أنّ للعرب فيها مذهبين ،
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٢١٨).
(٢) انظر الكتاب (٤ / ٤٠٧).
٤١٧ ـ الشاهد للأعشى في ديوانه (ص ١٠١) ، ولسان العرب (أصر) ، والمقتضب (٣ / ٣١٧) ، والمنصف (٢ / ١٨) ، وبلا نسبة في المنصف (١ / ١١٣).