أكثرهم على أنّها اسم وليس بصفة ، وإذا كانت اسما وهي نكرة وجب صرفها ، لأنّ ما كان على أفعل اسما فهو مصروف في النكرة ، نحو : أفكل وأيدع وأربع ، وإنّما يمتنع من الصرف في المعرفة ، وأكثر العرب على صرف أفعى على هذا التقدير ، قال سيبويه (١) : أجدل للصقر وأخيل للطائر ، وأفعى ، الأجود فيها أن تكون أسماء فتصرف لأنها نكرات ، وقد جعلها بعضهم صفات ، فلم يصرفوها لأن ما كان على أفعل نعتا لم ينصرف في معرفة ولا نكرة ، نحو : أحمر وأصفر وأشقر ، فكذلك أجدل وأخيل وأفعى عند هؤلاء نعوت فلا يصرفونها : قال : واحتج هؤلاء بأن قالوا : إنما قيل له أجدل من الجدل وهو شدة الخلق فصار أجدل عندهم بمنزلة شديد ، وجعلوا أخيل أفعل من الخيلان للونه وهو طائر على جناحه لمعة مخالفة للونه ، وكذلك أفعى عندهم وإن لم يكن لها فعل ولا مصدر ، وكان امتناع أجدل وأخيل من الصرف وإلحاقه بالنعوت أقوى من ترك صرف أفعى لبيان الاشتقاق في هذين ، وأنّه لا اشتقاق للأفعى ، والأجود فيها الصرف ، وذكر الجرمي أيضا أنّ أكثر العرب على صرف أفعى ، وقد ترك صرفها بعضهم ، والأفعى الأنثى والذكر أفعوان ، وأمّا أروى فوزنها فعلى ، والهمزة في أولها أصلية ، والألف في آخرها للتأنيث ، فهي بمنزلة سكرى تمتنع من الصرف في المعرفة والنكرة.
فهذا منتهى القول في المسائل التي ضمّنتها آخر كتابك والله المعين والموفق للصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل.
رأي ابن خالويه في تثنية وجمع (البضع)
قال ابن خالويه في مجموع له : كتب إليّ سيّدنا الأمير سيف الدولة أطال الله بقاءه يوم جمعة وأنا في الجامع : كيف يثنّى ويجمع البضع؟ فقلت : إنّه جرى في كلامهم كالمصدر لم يثنّ ولم يجمع مثل البخل ، قال الله تعالى : (وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) [النساء : ٣٧] ، ولم يقل بالإبخال ، ولو جمعناه قياسا لقلنا : أبضاعا ، مثل : قفل وأقفال وخرج وأخراج لأنّ فعلا يجمع على أفعال.
من الفتاوى النحوية لابن الشجري
قال ابن الشجري في (أماليه) (٢) : في المجلس الثامن والخمسين : ذكر مسائل استفتيت فيها بعد ما استفتي المكنيّ بأبي نزار ، فجاء بخلاف ما عليه أئمّة النحويين
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ١٢٢ ، و ٣ / ٢٢٤).
(٢) انظر أمالي ابن الشجري (٢ / ١١٦).