إلى ثلاثة مفاعيل ، كما يقتضي ذلك فعله الذي هو أعلم ، فزيد فاعله والهاء المفعول الأول ، و «عمرا» الثاني و «خير الناس» الثالث ، و «إياه» ضمير مصدره الذي هو الإعلام أضمره وإن لم يجر له ذكر ، لأنّ المصدر يحسن إضماره إذا ذكر فعله أو اسم فاعله كقوله : [الوافر]
٤٢٨ ـ إذا نهي السّفيه جرى إليه |
|
[وخالف والسّفيه إلى خلاف] |
وقولك : «أنا» خبر المبتدأ الذي هو المعلم ، والمعلمه وإن كان عطفا على المعلم فإنه هو المعلم لأنه وصف له ، فلذلك كان أنا خبرا عنهما معا والتقدير : المعلم المعلمه زيد عمرا خير النّاس أنا.
مسألة نحوية لابن السيد البطليوسي
قال الإمام أبو محمد بن السيّد البطليوسيّ في (كتابه المسائل والأجوبة) :
جمعني مجلس مع رجل من أهل الأدب ، فنازعني في مسألة من مسائل النحو ، ثم دبّت الأيام ودرجت الليالي ، وأنا لا أعيرها فكري ولا أخطرها على بالي ، ثم اتّصل بي أنّ قوما يتعصّبون له ويقرظونه يعتقدون أني أنا المخطئ فيها دونه ، فرأيت أن أذكر ما جرى بيننا فيها من الكلام ، وأزيد ما لم أذكره وقت المنازعة والخصام ، ليعلم من المزجي البضاعة وبالله التوفيق.
كان مبتدأ الأمر أنّ هذا الرجل المذكور قال لي : إنّ قوما من نحويي سرقسطة اختلفوا في قول كثير : [الطويل]
٤٢٩ ـ وأنت التي حبّبت كلّ قصيرة |
|
إليّ وما تدري بذاك القصائر |
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد |
|
قصار الخطا شرّ النّساء البحاتر |
فقال بعضهم : البحاتر مبتدأ وشرّ النساء خبره ، وقال بعضهم : يجوز أن يكون شرّ النساء هو المبتدأ والبحاتر خبره ، وأنكرت أنا هذا القول وقلت : لا يجوز إلّا أن
__________________
٤٢٨ ـ الشاهد لأبي قيس بن الأسلت الأنصاري في إعراب القرآن (ص ٩٠٢) ، وأمالي المرتضى (١ / ٢٠٣) ، والإنصاف (١ / ١٤٠) ، وخزانة الأدب (٣ / ٣٦٤) ، والخصائص (٣ / ٤٩) ، والدرر (١ / ٢١٦) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ٢٤٤) ، ومجالس ثعلب (ص ٧٥) ، والمحتسب (١ / ١٧٠) ، وهمع الهوامع (١ / ٦٥).
٤٢٩ ـ البيتان لكثير عزة في ديوانه (ص ٣٦٩) ، وإصلاح المنطق (ص ١٨٤) ، وجمهرة اللغة (ص ٧٤٣) ، والدرر (١ / ٢٨٢) ، ولسان العرب (بهتر) و (قصر) ، والمعاني الكبير (ص ٥٠٥) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ٤١) ، وشرح المفصّل (٦ / ٣٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٨٦).