يسأله أن يخبر به ، فلو جاء الجواب على حدّ السؤال لقال : زيد الذي قام ، وزيد القائم ، وباب الإخبار كله مطّرد على هذا ، وإنّما جاز ذلك عندهم لأنّ الفائدة في قولك : «الذي قام زيد» كالفائدة في قولك : «زيد الذي قام» وكذلك الفائدة في قولك : «زيد القائم» كالفائدة في قولك : «القائم زيد» ، ولو لا أنّ الأمرين عندهم سواء لما جاز هذا ، ومن أظرف ما في هذا الأمر أنّ جماعة من النحويين لا يجيزون تقديم خبر المبتدأ عليه إذا كان معرفة ، فلا يجيزون أن يقال : «أخوك زيد» والمراد : زيد أخوك ، واحتجّوا بشيئين :
أحدهما : أن المعرفتين متكافئتان ، ليست إحداهما أحقّ بأن يسند إليها من الأخرى ، وليس ذلك بمنزلة المعرفة والنكرة إذا اجتمعتا.
والحجة الأخرى : أنّه يقع الإشكال فلا يعلم السامع أيّهما المسند وأيّهما المسند إليه ، فلمّا عرض فيهما الإشكال لم يجز التقديم والتأخير ، وكان ذلك بمنزلة الفاعل والمفعول إذا وقع الإشكال فيهما لم يجز تقديم المفعول ، كقولك : «ضرب موسى عيسى» ، وهذا قول قوي جدّا ، غير أنّ النحويين كلهم لم يتفقوا عليه ، فعلى مذهب هؤلاء لا يجوز أن يكون «شرّ النساء» خبرا مقدما بوجه من الوجوه ، فإن كان هؤلاء القوم يريدون صناعة النحو فهذا ما توجبه صناعة النحو ، وإن كانوا يريدون صناعة المنطق فقد قال جميع المنطقيين لا أحفظ في ذلك خلافا بينهم : إنّ في القضايا المنطقية قضايا تنعكس ، فيصير موضوعها محمولا ومحمولها موضوعا ، والفائدة في كلا الحالين واحدة ، وصدقها وكيفيتها محفوظان عليها ، قالوا : فإذا انعكست ولم يحفظ الصدق والكيفية سمّي ذلك انقلاب القضية لا انعكاسها ، ومثال المنعكس من القضايا قولنا : «لا إنسان واحد بحجر» ، ثم نعكس فنقول : «لا حجر واحد إنسان» ، فهذه قضية قد انعكس موضوعها محمولا ومحمولها موضوعا ، والفائة في الأمرين جميعا واحدة ، ومن القضايا التي لا تنعكس قولنا : «كلّ إنسان حيوان» ، فهذه قضية صادقة ، فإن صيّرنا موضوعها محمولا ومحمولها موضوعا ، فقلنا : «كلّ حيوان إنسان» عادت قضية كاذبة ، فهذا يسمونه انقلابا لا انعكاسا ، وبالله التوفيق.
مسألة نحوية من كتاب (المسائل) للبطليوسي
سأل سائل أدام الله عزك من بقي عندنا من طلبة النحو عن مسألة وقعت ، وهي : إذا سمّيت رجلا بالألف من ما كيف يكون بناء الاسم من ذلك وصورته في الخطّ؟ فجاوب عن ذلك المسؤول بما هذه نسخته :