تأمّلت ـ أعزّك الله ـ هذا السؤال ، والقياس النحوي يقتضي أن لا يشترط التسمية بحرف ساكن مثل هذا ، إذ لا بد من أن يبنى الاسم عليه ، وأن يكون الحرف المذكور أوّل ذلك الاسم ، فإن كان كما شرط ساكنا فلا بد من تحريكه ليتوصل إلى النطق به ، فيختلّ الحرف الساكن على حاله التي كان يجب أن لا يغير عنها في التسمية به لئلا تشتبه التسمية بما سمي به من حرف متحرك ، مثل ذلك كمن قال : سمّ لي رجلا بالألف من إكرام أو ما كان مثله إن قلنا : إنّ الحرف الساكن المذكور يحرك بالفتح ، فلهذا كان ينبغي أن تمتنع التسمية بالألف من «ما» ، وإن قلنا : إنه يجوز أن يسمّى رجل بالألف من «ما» فإنما ذلك على ضرب من قياس النحو أيضا ومجاري التعليل فيه ، فينبغي على تجويز ذلك أن تحرّك الألف الساكنة من «ما» بالفتح لما سنذكره بعد إن شاء الله تعالى ، فتصير همزة مفتوحة ، ثم يزاد عليها من جنسها ألف وهمزة ليكون الاسم من ذلك مبنيّا على أقلّ حروف الأسماء الأعلام المتمكّنة ، وذلك ثلاثة أحرف ، كما قالوا : إذا سمّيت رجلا بالسين من «سوف» ، فإنّك تزيد على السين ألفا وهمزة ليكون الاسم على أقل البناء في المتمكّن العلم كما قلنا ، فتقول : «جاءني ساء» و «رأيت ساء» و «مررت بساء» ، وكذلك فعلنا في مسألتنا لمّا حرّكنا الألف الساكنة من «ما» بالفتح لما نذكره بعد ، وصارت همزة مفتوحة زدنا على الهمزة ألفا وهمزة من جنسها ليكمل البناء الأقل المذكور ، فجاء على وزن بكر فنقول منه في الرفع «جاءني أا أ» وفي النصب : «رأيت أا أ» وفي الخفض : «مررت ب أا إ» ، فهذا بناؤه وصورته في الخط ، وإن شئت كتبته بالعين وأسقطت الثالثة التي هي عين الوزن استخفافا ، لئلا يجتمع ثلاث ألفات في كلمة واحدة ، فإن قيل : فكيف استجزت إسقاط هذه الألف من مثل هذا الاسم وأنت قد بنيته على ثلاثة أحرف ، وهو أقل البناء فقد أخللت ببنائك في الخط؟ فالجواب : أنّا وجدنا مثل هذا الاسم من الوزن والتمكّن قد أسقط منه ألف عين الوزن في الخط ، وأبقوه على حرفين ، وذلك الاسم أل ، فقد اتفقوا في المصحف وغيره على كتبه بألف واحدة ، وكان فيه ألفان ، إذ وزنه أا ل فسهّلوا الهمزة الوسطى ثم أسقطوها فبقي من الاسم حرفان ، وإنما استجازوا مثل ذلك لدلالة الباقي على الذاهب ، وطلبا للاختصار الذي كلام العرب مبنيّ عليه ، ولذلك جوّزنا نحن كتب أا إ بالعين قياسا على ذلك ، وإنا قلنا : إنّ تحرّك الألف الساكنة من «ما» بالفتح لأنّها لمّا كانت أول الاسم ساكنة ، واحتاجت إلى حركة ليتوصل إلى النطق بها ، كانت الفتحة أولى بها من الكسرة والضمّة ، لأنّ الألف تتولّد من الفتحة إذا أشبعت ، وتنقلب بسببها إذا كانت بعدها حركة على ياء أو واو ، نحو : قال ونام ، فكانت الفتحة أولى بتحريك الألف من