وإن أراد مريد أن يسمّي من حرف قد سمّي به مثل جعفر أو جحمرش ونحوهما من أمثلة كلام العرب كان له ذلك.
وأما قول المعترض : إن جواب المجيب لا يصح ولا يكمل حتى يتكلّف أن يصوغ من الحرف الذي يسأل عنه على جميع أوزان كلام العرب فإنّه تعسّف وغير لازم ، إلّا أن يشترط عليه السائل ذلك في مسألته ، وأما التسمية بالألف من ما ولا فقد ذكر ذلك ابن جني ، وفيه خلاف لما قاسه هذا المجيب عن المسألة ، فقال إذا أردت أن تصيّر الألف من «لا» اسما زدت على الألف ألفا ثانية ، فتجتمع ألفان ساكنتان فتحرك الأولى منهما بالكسر لالتقاء الساكنين ، فتنقلب الثانية ياء بانكسار ما قبلها فتصير إي ، ولا يكون اسم متمكن على حرفين الثاني منهما حرف لين ، فتزيد على الياء ياء أخرى وتدغم الأولى فيها ، فتقول : إيّ ، كما تقول إذا صيّرت في الخافضة اسم رجل : رفيّ.
قال ابن جني (١) : وإن بنيت من هذه الكلمة فعلا على حدّ قولك : كوّفت كافا وقوّفت قافا وسيّنت وعيّنت عينا لزمك أن تقول : أوّيت ألفا. قال : وإنّما جعلنا قياس عين هذه الكلمة أن تكون واوا دون أن تكون ياء لأنّا لمّا زدنا على الألف ألفا واحتيج إلى زيادة حرف ثالث ليتم الاسم ثلاثة أحرف صارت الألف المزيدة واقعة موقع عين الفعل ، وإذا كانت الألف المجهولة ثانية عينا أو في موضع العين وجب على ما وصّانا به سيبويه أن نعتقد فيها أنها منقلبة عن واو ، حملا على باب طويت وشويت لأنه أكثر من باب حييت وعييت ، فصارت إيّ كأنها من باب رقيّ وسيّ ونحوهما مما عينه واو ، فكما أنّك لو بنيت من القيّ والسّيّ فعّلت لقلت : قوّيت وسوّيت ، فأظهرت العينين واوين ، فكذلك تقول في فعّلت من إيّ التي أدّى إليها القياس : أوّيت.
فهذه مسألة قد كفانا ابن جني فيها التعب وأرانا وجه القياس فيها ، فينبغي لمن أراد أن يصوغ منها مثالا على بعض أمثلة كلام العرب أن يجريها مجرى أوى يأوي ، ويركب على ذلك قياسه ، فيقول في مثال جعفر منها : أيّا وفي مثال سفرجل : أويّا وفي مثال جحمرش : أيّني وفي مثال إوزّة : إيّاة ، ونحو ذلك ، وبالله التوفيق.
مسائل أخرى سئل عنها البطليوسي
وردت من الشعر منظومة في أبيات من شعر ، وهي : [الطويل]
__________________
(١) انظر المنصف (٢ / ١٥٤).