فقال أبو جعفر : هذا خطأ ، لأنّا لا نعلم خلافا بين النحويين أنّ الواو إذا وقعت طرفا فيما جاوز الثلاثة من الفعل أنّها تقلب ياء ، كما قالوا في أفعلت من غزوت : أغزيت وفي استفعلت : استغزيت ، والوجه : ارجويت أرجوي ارجواء وأنا مرجو ، مثل احمررت أحمرّ احمرارا وأنا محمرّ ، إلّا أنّك تقلب في ارجويت أرجوي وتدغم في احمرّ يحمرّ.
وقال محمد بن بدر البغدادي : قول أبي العباس في افعللت : ارجووت تمثيل على الأصل قبل الإعلال ، وسبيل كلّ ممثّل أن يتكلم بالمثال على الأصل ، ثم ينظر في إعلاله بعد ، فافعللت على الأصل ارجووت وعلى الإعلال : ارجويت ، ومن قال كينونة : فيعلولة ذهب إلى الأصل ، ومن قال فيلولة ذهب إلى اللفظ ، وإذا بنوا مثل عصفور من «غزا» قالوا : غزووّ ، فالفراء يتركه على هذا ولا يعلّه ، وسيبويه يعلّه بعد ذلك ويقول (١) : غزويّ ، وقد ردّ على ابن بدر مصنف كتاب (سفر السعادة) ، فقال : قول ابن بدر في ارجووت : إنه تمثيل على الأصل غير صحيح ، لأنّ ذلك لم ينطق به في الأصل كما نطق بكيّنونة كما قال : [الرجز]
٤٣٧ ـ يا ليت أنّا ضمّنا سفينه |
|
حتى يعود الوصل كيّنونه |
وإنّا يمثّل بالأصل ما لا يصح تمثيله على اللفظ ، كقولك في عدة إنّه فعلة ، ولا تقول : علة ، وفي غد إنه فعل ولا تقول فع ، ثم إن أبا جعفر لم يسأل عن تمثيل الأصل ، وإنّما سأل عمّا يصح أن ينطق به ، فما للمسؤول اقتصر على تمثيل الأصل وترك ما ينبغي أن يقال؟
قال أبو حيان : وما ردّ به صاحب سفر السعادة لا يلزم ، ألا ترى ما قاله أبو بكر ابن الخياط في وزن ارعوى : إنه يجوز أن يقال فيه : افعلل وافعلى؟ فافعلل على الأصل وافعلى على الفرع ، قال : وذكر وزنه على الأصل أقيس ، فأدغم افعلل في نحو احمرّ فصار افعلّ وأعل في نحو ارعوى ، فجاز أن يقال : وزنه افعلّ وافعلى.
مسألة في (طبقات النحويين) لأبي بكر الزبيدي (٣) :
أنشدنا بعض الأدباء لأبي عبيد الله محمد بن يحيى بن زكريا المعروف بالقلفاط : [السريع]
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٣٧٩).
٤٣٧ ـ الرجز بلا نسبة في الإنصاف (ص ٧٩٧) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٣٩٢) ، ولسان العرب (كون) ، والمنصف (٢ / ١٥).
(٢) انظر طبقات الزبيدي (ص ٢٨٠).