وبقوله : [مجزوء الرمل]
٤٨٦ ـ علّموني كيف أبكي |
|
هم إذا خفّ القطين |
وكل هذه الشواهد أو غالبها يرد على من منع التنازع في الآية.
وكان من سنين وقع الكلام في قوله تعالى : (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً) [الجن : ٧] وأنّه يجوز أن يكون ذلك من باب التنازع ولا أثر للموصول في منع ذلك ، ولا يقال : إنّ «أن» والفعل لا يضمر فلا يجوز التنازع لأنّ من شرط باب التنازع صحة عمل المهمل في الضمير ، لأنّا نقول : لا يمتنع أن يعود الضمير على مثل ذلك ، ومنه قوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤] ، وقوله تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [البقرة : ٢٣٧] ، وكان أيضا تقدم لي مع الشيخ علاء الدين مثل ذلك في قوله تعالى : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) [آل عمران : ١٩٤] وأنه يجوز أن يكون من ذلك على تقدير على ألسنة رسلك.
وإذا استقرّ جواز التنازع في الآية فاعلم أنّه على إعمال الثاني ، والقاعدة في مثل ذلك أنّ الأول إذا طلب منصوبا حذف على المختار ، إن كان ممّا يجوز الاستغناء عنه ، ولكن بقي النظر هل نقدره ضميرا أو ظاهرا؟ والأولى أن نقدره مضمرا لأن ذلك شأن باب التنازع ، فإن قلت : قد تقرر أنّه متى دار الأمر بين شيئين وكان أحدهما هو الأصل وجب المصير إليه ، قلت : نعم الأمر كذلك إلّا لعارض ، وهاهنا ثم ما يمنع من ذلك ، وهو أنّه إذا كان من باب التنازع وجب القول بأنّ الأول ضمير ، وساغ لتشبث الجملة الثانية بالأولى ولم يقبح من جهة أنه ليس مذكورا لفظا ، ولو لم يكن ذلك لاستحالت المسألة ، ولم يكن إذ ذاك من باب التنازع ، وهذا فرق ما بين المحذوف للدلالة أو التفسير ، فتنبّه لذلك فإني لم أجد أحدا نبه عليه ، وممّا يقوّي ذلك منع النحاة كالخفاف في الشرح التنازع في الحال والتمييز ، فلا يقال : «جاء زيد وقعد عمر ضاحكا» على التنازع ، والسبب في ذلك أنّه لا بد في التنازع من أنّك إذا أعملت الواحد أضمرت في الآخر إمّا تحذفه وإمّا تبقيه ، وإذا فلا شكّ أنّه يجوز : «جاء زيد وقعد عمر ضاحكا» على أنّك حذفت من الأولى لدلالة الثاني عليه هذا ما لا أعتقد فيه خلافا ، انتهى.
قال الشيخ تاج الدين بن مكتوم في تذكرته ومن خطّه نقلت
سئل شيخنا أبو حيان : هل يجوز مثل «قام زيد وعمر وبكر وخالد كلّهم»؟ فأفتى بالجواز قياسا على التثنية ، قال : [الطويل]
__________________
٤٨٦ ـ الشاهد بلا نسبة في أمالي القالي (١ / ١٦٣) ، والمقرّب (١ / ٢٥١).