فأعجب القاضي ذلك وقال : ما أحسنه لو قال به أحد ، فقال ابن كيسان : ليقل به القاضي وقد حسن.
مسألة نحوية للحريري
سأل عنها علي بن أبي زيد الفصيحيّ أبا محمد القاسم بن علي الحريري قال : ما يقول سيّدنا أدام الله توفيقه في انتصاب لفظي بعض الشعراء ، وهو قوله : [المتقارب]
٥٠٤ ـ تعيّرنا أنّنا عالة |
|
ونحن صعاليك أنتم ملوكا |
وعلى ما ذا عطف قوله : ونحن ، وعلى أيّ وجه يعمل المتنبي وغيره من الشعراء نحو : [المنسرح]
٥٠٥ ـ [ربحلة] أسمر مقبّلها |
|
سبحلة] أبيض مجرّدها |
وهل هما من الصفات المشبهة بأسماء الفاعلين أم لا؟ فإن الشريطة في الصفة المشبهة باسم الفاعل أن لا تكون جاية على يفعل من فعلها ، نحو : حسن وكريم ، فإنّ حسنا ليس على زنة يحسن ، وأسمر على زنة يسمر ويسمر ، فإنّ اللغتين قد حكيتا وليس هذا شرطها ، ينعم بإيضاحها.
الجواب : اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نعنت كما نستعيذك أن نعنت ، ونبرأ إليك من أن نفضح كما نستعصمك من أن نفضح ، ونستمنحك بصيرة تشغلنا بالمهمات عن التّرّهات وتنزّهنا عن التعلّم للمباهاة والمباراة ، ونسألك اللهمّ أن تجعلنا ممّن إذا رأى حسنة رواها ، وإن عثر على سيئة واراها برحمتك يا أرحم الراحمين. وقفت على السؤالين الملوّح بشرّ مصدرهما وهجنة مصدرهما ، إذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الأغلوطات وزجر عن تطلّب السّقطات والعثرات ، وكان ابن سيرين إذا سئل عن عويص اشمأزّ منه ، وقال : «سل أخاك إبليس عن هذا» ، ومع هذا فإنّي كرهت ردّ السّائل ، ولربّ عييّ أفصح من لسن ، لا سيّما إذا لم يأت بحسن.
أمّا السؤال الأول فهو من مسائل المعاياة وأسولة الإعنات ، ولا عيب أن يجهله النحويّ المدرّس فضلا عمّن لا يدّعي ولا يلبس ، وهو من الأبيات التي جرى فيها التقديم والتأخير لضرورة الشعر ، وتقديره : «تعيّرنا أنّنا عالة صعاليك ملوكا أنتم
__________________
٥٠٤ ـ الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ١٧١) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٤٤) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٤٣٧) ، ومغني اللبيب (٢ / ٤٣٩).
٥٠٥ ـ الشاهد للمتنبي في ديوانه (١ / ٢٩٨).