تقول : هذه ساعة أنا فرح ، على كلام قد جرى ، كأنّك قلت : هذه القضية ساعة أنا فرح ، تزيد : إن هذا الأمر ساعة أنا فرح ، قال الله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩] الفعل والفاعل بمنزلة المبتدأ وخبره عند أهل العربية.
قال أبو العباس : سيبويه وغيره يفسدون هذا الجواب ويحيلونه ، وذلك أنّهم لا يضيفون إلى الابتداء والخبر والفعل والفاعل إلّا ظرفا في معنى المضيّ ، كقولك : جئتك يوم زيد أمير ، وجئتك يوم يقوم زيد ، وذلك أنّه إذا كان ماضيا كان بمعنى (إذ) ، كقولك : جئتك إذ زيد أمير ، وجئتك إذ يقوم زيد ، فإذا كان في معنى الاستقبال لم يضف إلّا إلى الفعل ، ولا تجوز إضافته إلى المبتدأ أو الخبر ، لأنه يكون حينئذ بمعنى (إذا) ، كما تقول : أنا آتيك يوم يقوم زيد ، مثل أنا آتيك إذا يقوم زيد ، لأنّ (إذا) في معنى الجزاء ، وإنما تضيف الظرف إذا كان في معناها إلى الفعل ، ولا تضيفه إلى الابتداء والخبر ، لأنّ حروف الجزاء لا تقع على الابتداء والخبر ، وهذه المسألة مسطورة لسيبويه ، وهذا الاعتلال اعتلاله ، وهي منه مأخوذة (١).
قال أبو جعفر : جوابنا عن المسألة على معنى المضي ، والدليل عليه قولنا على كلام قد جرى وقولنا : كأنّك قلت هذه القضية ساعة أنا فرح.
المسائل العشر المتبعات إلى الحشر
قال السخاوي في (سفر السعادة) : وهذه عشر مسائل سمّاها أبو نزار الملقّب بملك النحاة : المسائل العشر المتبعات إلى الحشر ، وتحدّى بها.
المسألة الأولى : سأل عن قوله تعالى : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) [المؤمنون : ٣٥] ، فقال : إنّ «أنّ» الأولى لم يأت لها خبر ، وسأل عن العامل في إذا ثم قال : إذا بمعنى الوقت ، وهو يضاف إلى الجمل على تأويل المصدر ، فإذا قلت : تقديره : مخرجون وقت موتكم كان محالا لأنّ الإخراج وقت الموت لا يتصوّر لأنّه جمع بين ضدّين ، ثم أجاب هو عمّا سأل فقال : والجواب : أمّا الأول فنقول : إنّ العرب قد حذفت خبر أنّ كثيرا في شعرها وكلامها ، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى ، لا سيّما إذا دلّ على الخبر مثله ، وهاهنا خبر الثانية دلّ على خبر الأولى ، ونوي عاملا في إذا ، والتقدير : أيعدكم أنكم مخرجون بعد وقت مماتكم ، إلّا أنّ «بعد وقت» حذفت وأريدت ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الزخرف : ٣٩] ، و «ينفعكم»
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ١١٩).