ودعوى المتحكّمين ، وذلك أنّه لو كان الأمر على ما ذهبت إليه لامتنع أن تقول : رجعت إلى داره ، فينبغي على هذا أن يكون الصواب : رجعت إليه وعدت إليه ، فيكون قول من قال : رجعت إلى داره وعدت إلى منزله ، لا يصحّ كما لا يصح «إلى عنده» ، لأنّ المهم إنما هو الشخص دون محلّه ، وإذا امتنع ذلك مع عنده فكذلك يمتنع مع البيت والمنزل وغيرهما ، وأمّا قولك : «إنّ المكان القريب من ذلك الشخص لا يهمّه» فإنّ هذا الكلام يقتضى منه أنه إذا بعد مكانه منه احتيج إلى ذكره فيقال : رجعت إلى عنده ، وذلك أنّه إنّما جاز إسقاطه لقرب المكان الذي فيه الشخص ، واستغنى عن ذكره لقربه ، فيلزمه أن لا يسقطه عند بعده ، ولو قدّرنا أنّ جميع ما ذكرته من جواز دخول من على عند وامتناع دخول إلى عليها صحيح لوجب عليك أن تستأنف جوابا آخر عن امتناع دخول إلى على (قبل) و (بعد) و (مع) و (لدن) وجواز دخول من عليها ، وليس في جميع ما ذكرته جواب عن ذلك ، وليس الجواب عند النحويين إلا ما قدّمناه فافهم ذلك. انتهت المسائل العشر.
من أبيات المعاني المشكلة الإعراب
قال السخاوي في (سفر السعادة) : من أبيات المعاني المشكلة الإعراب ، قال : ولسنا نعني بأبيات المعاني ما لم يعلم ما فيه من الغريب ، وإنّما يعنون بأبيات المعاني ما أشكل ظاهره وكان باطنه مخالفا لظاهره ، وإن لم يكن فيه غريب ، أو كان غريبه معلوما ، قوله : [الطويل]
٥٣٥ ـ ومن قبل آمنّا وقد كان قومنا |
|
يصلّون للأوثان قبل محمّدا |
نصب محمّدا بآمنّا لأنه بمعنى صدّقنا محمّدا ، وقيل : بإسقاط الخافض ، وهذا أحسن ، وقوله : [الطويل]
لقد قال عبد الله شضرّ مقالة |
|
كفى بك يا عبد العزيز حسيبها |
عبد الله مثنى حذف نونه للإضافة وألفه لالتقاء الساكنين وعبد منادى مرخم عبدة ، ثم ابتدأ فقال : العزيز حسيبها ، كما تقول : الله حسيبك ، انتهى.
الكلام في قوله تعالى : (وَرُوحٌ مِنْهُ)
في تفسير الثعلبي : كان لهارون الرشيد غلام نصراني جامعا لخصال الأدب وكان الرشيد يحاوله ليسلم فيأبى ، فألحّ عليه يوما فقال : إن في كتابكم حجّة لما
__________________
٥٣٥ ـ الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (أمن) ، وأمالي ابن الشجري (١ / ١١٢).