فإن قلت : قد اشتملت هذه التوجيهات التي وجّهت بها هذه المسألة على تقديرات كثيرة وتأويلات متعقدة ولم يعهد في كلام النحويين مثل ذلك ، قلت : ذلك لأنّك لم تقف لهم على كلام على مسائل متعقدة مشكلة اجتمعت في مكان واحد ، ولو وقفت لهم على ذلك لوجدت في كلامهم مثل ذلك وأمثاله ، والله تعالى أعلم ، وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
إعراب قوله صلّى الله عليه وسلّم : كلمتان خفيفتان على اللسان سبحان الله وبحمده ،
سبحان الله العظيم لابن الهمام
قال الشيخ الإمام العلامة المحقّق كمال الدين محمد الشهير بابن الهمام الحنفي رحمه الله تعالى :
الحمد لله ، اللهمّ صلّ على سيّدنا محمّد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم ، وبعد :
فقد دخلت عليّ امرأة بورقة ذكرت أنّ رجلا دفعها إليها يسأل الجواب عمّا فيها ، فنظرت فإذا فيها سؤال عن إعراب صلّى الله عليه وآله وسلّم : «كلمتان خفيفتان على اللّسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» (١).
هل «كلمتان» مبتدأ «وسبحان الله» الخبر أو قلبه؟ وهل قول من يجيز «سبحان الله» للابتداء لتعرّفه صحيح أم لا؟ وهل قول من ردّه للزوم «سبحان الله» النصب صحيح أم لا؟ وهل الحديث ممّا تعدّد فيه الخبر أم لا؟
فكتب العبد الضعيف على قلّة البضاعة وطول التّرك وعجلة الكتابة في الوقت ما نصّه :
الوجه الظاهر أنّ «سبحان الله» إلى آخره الخبر ، لأنّه مؤخّر لفظا ، والأصل عدم مخالفة اللفظ محلّه إلّا لموجب يوجبه ، وهو من قبيل الخبر المفرد بلا تعدّد ، لأنّ كلّا من «سبحان الله» مع عامله المحذوف الأول والثاني مع معموله الثاني إنّما أريد لفظه ، والجملة الكثيرة إذا أريد لفظها فهي من قبيل المفرد الجامد ، ولذا لا تتحمل ضميرا ولأنّه محطّ الفائدة بنفسه بخلاف عكسه ، فإنّه إنما يكون محطّها باعتبار
__________________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٣١) ، وابن ماجه في سننه رقم (٣٠٨٦).