على التعيين من مجرد الإطلاق ظاهر في عدم تعدد الوضع للمعاني المتعددة لأنّه لازم ذلك بحسب الأصل ، والغالب التردّد والتوقّف ، وقد أمكن جعله مجازا علاقته الاشتراك في الصورة ، فيكون كإطلاق لفظ الفرس على المثال المنقوش في حائط.
فبناء على بحثي هذا معهم قلت في أصل جوابي : فليعلم أنّه على تقدير صحة هذه الدعوى يعني لو تنزلنا عن هذا وقلنا : إنه وضع لنفسه لا يوصف باعتبار هذا الوضع بكونه معرفة لا نكرة ، بل الألقاب الاصطلاحية إنما يوصف بها اللفظ باعتبار الوضع للمعنى المغاير لأنّ ذلك الوضع هو القصدي ، وأما هذا الوضع فقد صرّح من قال به من المحققين بأنّه ليس بوضع قصديّ ، ولذا صرح بأنّه لا يكون اللفظ به مشتركا ، فلمّا تعدّد الوضع للمعاني المحتملة ولم يكن مشتركا علم أنّه لم يعتبر في إطلاق الألقاب الاصطلاحية إلا الوضع القصدي ، ثم هذا لا ينفي تعيّن المعنى والعلم به لأنّ المنفيّ الاصطلاحيّ وهو لا يقتضي عدم تعيّن المعنى ، أرأيت لو لم يسمّ كل نوع باسم خاص أصلا كما كان عند العرب قبل حدوث الاصطلاح أما كان يصح مبتدأ؟ وكذا جعلنا «سبحان الله» مراد مجرد لفظة مبتدأ مع نفي الحكم بأنه معرفة ولا نكرة كما ذكرنا ، لأن صحة الابتدائية والحديث محدث عنه إنّما يقتضي تعيّن معناه كليا كان ذلك المفهوم أو جزئيا لا تسميته ، وكم نكرة يتعين معناها في الاستعمال فتصير كمعنى المعرفة لا يتفاوتان إلا في أصل الوضع ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
بحث في النفي والإثبات عند تعارضهما
وقع سؤال في مجلس السلطان الملك الأشرف برسباي في مجلس قراءة البخاري في شعبان سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة ، سئل عنه الإمام العلّامة كمال الدين بن الهمام ، وصورة السؤال من قواعد السادة الحنفية على رأي المحققين منهم أنّ النفي والإثبات إذا تعارضا وكان المنفي ممّا يعلم بدليله ، وهو أن يكون صريحا في ردّ دعوى المثبت فإنّه يقضي على المثبت كالحكم في دعوى امرأة على زوجها أنّه طلّقها ثلاثا ، وقالت : حصلت الفرقة بيني وبينه ، وقال الزوج استثنيت استثناء متصلا بلفظ الطلاق ، فأتت المرأة بشاهدين فشهدا على الزوج أنّه طلّقها ثلاثا ، قالوا : ما سمعناه استثنى ، قالوا : شهادتهم لا تعارض دعوى الزوج الاستثناء لأنه يجوز أن تقول : قال زيد كلاما ولم أسمعه ، فلا يكون صريحا في ردّ دعوى الزوج الاستثناء ، ولو قال الشهود : طلقها وما استثنى فشهادتهم صريحة في ردّ دعوى الزوج ، أشكل على هذا الأصل نفيهم الجهر بالبسملة استدلالا بحديث أنس رضي الله عنه في