فوائد نحويّة من معجم الأدباء لياقوت الحموي
في معجم الأدباء لياقوت الحموي : قال أبو سعيد الضرير : سألني أبو دلف عن بيت امرئ القيس : [الطويل]
٥٥٣ ـ كبكر المقاناة البياض بصفرة |
|
[غذاها نمير الماء غير المحلّل] |
قال : أخبرني عن البكر ، المقاناة أم غيرها؟ قلت : هي هي ، قال : أفيضاف الشيء إلى صفته؟ قلت : نعم ، قال : فأين؟ قلت : قال الله تعالى : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) [يوسف : ١٠٩ ، النحل : ٣٠] ، فأضاف الدار إلى الآخرة ، وهي هي بعينها ، والدليل على ذلك أنّه قال في سورة أخرى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) [القصص : ٨٣] ، قال : أريد أشهر من هذا ، فأنشدته لجرير : [الكامل]
٥٥٤ ـ يا ضبّ إنّ هوى القيون أضلّكم |
|
كضلال شيعة أعور الدّجّال |
وفيه قال (٣) : قرأت بخطّ عبد السّلام البصريّ في كتاب محمد بن أبي الأزهر ، قال : حدثني وهب بن إبراهيم خال عبيد الله بن سليمان بن وهب ، قال : كنّا يوما بنيسابور في مجلس أبي سعيد أحمد بن خالد الضرير ، وكان أبو سعيد عالما باللغة إذ هجم علينا مجنون من أهل قمّ ، فسقط على جماعة من أهل المجلس ، فاضطرب الناس لسقطته ووثب أبو سعيد لا يشكّ أنّ آفة قد لحقتنا من سقوط جدار أو شرود بهيمة فلمّا رآه المجنون على تلك الحال قال : الحمد لله رب العالمين ، على رسلك يا شيخ لا ترع ، آذاني هؤلاء الصبيان ، وأخرجوني عن طبعي إلى ما لا أستحسنه من غيري ، فقال أبو سعيد : امنعوا عنه عافاكم الله ، فوثبنا فشرّدنا من كان ورجعنا ، فسكت ساعة لا يتكلم إلى أن عدنا إلى ما كنّا فيه من المذاكرة ، وابتدأ بعضنا يقرأ قصيدة من شعر نهشل بن جرير التميمي حتى بلغ قوله : [الطويل]
٥٥٥ ـ غلامان خاضا الموت من كلّ جانب |
|
فآبا ولم تعقد وراءهما يد |
متى يلقيا قرنا فلا بدّ أنّه |
|
سيلقاه مكروه من الموت أسود |
فما استتمّ هذا البيت حتى قال : قف يا أيها القارئ ، تتجاوز المعنى ولا تسأل عنه؟ ما معنى قوله : ولم تعقد وراءهما يد؟ فأمسك من حضر عن القول ، فقال : قل يا شيخ ، فإنّك المنظور إليه والمقتدى به ، فقال أبو سعيد : يقول إنهما رميا بأنفسهما في الحرب أقصى مراميها ورجعا موفورين لم يؤسرا فتعقد أيديهما كتفا ، فقال :
__________________
٥٥٣ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ١٦) ، وشرح المفصّل (٦ / ٩١) ، ولسان العرب (نمر) و (حلل) و (قنا) ، وتاج العروس (حلل) و (قني).
٥٥٤ ـ الشاهد في ديوانه (ص ٩٦٢).
(١) انظر معجم الأدباء (٣ / ١٨).