فقلت : أيّها الشيخ ليس أكأت من أجأ في شيء ، قال : وكيف ذلك؟ قلت لأنّ إسحاق بن إبراهيم الموصليّ وقطربا النحويّ حكيا أنه يقال : أجأ الرجل إذا جبن ، فخجل الشيخ وقال : إذا كان كذا فليس منه ، فضرب كلّ واحد منهم على ما كتب.
قال ياقوت (١) : حدثّ المرزبانيّ في أخبار الكسائي ممّا أسنده إلى المغيرة بن محمد عن أبيه قال : لمّا دخل الكسائي البصرة أوّل دخلة جلس في حلقة يونس ينتظر خروجه ، فسأله ابن أبي عيينة : عن أولق هل ينصرف أو لا ينصرف؟ فقال : أفعل لا ينصرف ، فقال ابن أبي عيينة : خطأ والله ، وخرج يونس ، فسئل عن أولق فقال : هو فوعل وليس بأفعل لأنّ الهمزة فاء الفعل ، لأنك تقول : ألق الرجل فهو مألوق ، فثبتت الهمزة ، وكذلك أرنب مصروف لأنّه فعلل لأنّك تقول : أرض مؤرنبة فتثبت الهمزة ، قال : والمألوق المجنون. انتهى.
قال ياقوت : حدّث أبو محمد اليزيديّ قال : كان يجيئني رجل فيسألني عن آيات من القرآن مشكلات فكنت أتبيّن العنت في سؤاله ، وكنت إذا أجبته أرى لونه يربدّ ويسودّ ، فقال لي يوما : أيجوز في كلام العرب أن تقول : أدخلت القوم الدّار ثم أخرجتهم رجلا؟ فقلت لا يجوز ذلك حتى تقول : أخرجتهم رجلا رجلا ، فيدلّ على تفصيل الجنس ، قال : فكيف قال الله عزّ وجل : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [غافر : ٦٧]؟ قلت : ليس هذا من ذلك لأن الطفل مصدر في الأصل يقع على الواحد والاثنين والجمع بلفظ واحد فتقول : هذا طفل وهذان طفل وهؤلاء طفل ، كما قال تعالى : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) [النور : ٣١] ، فطفل في الآية موضع أطفال ، فكأنّه قال : ثم يخرجكم أطفالا ، قال : فأخبرني عن قوله عزّ وجلّ : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) [النساء : ٤٢] ، من أين لهم هذه الأرض هناك؟ فقلت له : وهمت ، أما سمعت قوله تعالى : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) [إبراهيم : ٤٨] ، فودّوا أنّ تلك الأرض تسوّى بهم ، فسكت.
قال ياقوت في معجم الأدباء : حدّثني الإمام صدر الأفاضل قاسم بن حسين الخوارزميّ قال : دخل أفضل القضاة يعقوب بن شيرين الجندي على جار الله الزمخشري فقال له : لقد أنشأت البارحة شيئا وأنشده : [الكامل]
ما تابع لم يتّبع متبوعه |
|
في لفظه ومحلّه يا ذا الثّبت |
__________________
(١) انظر مجالس العلماء (ص ٢٥٤).