ما ذا بعلم غير علم نافع |
|
ألغزت في إتقانه حتّى ثبت |
ألغز فيهما على نحو قولهم : «ما زيد بشيء إلّا شيء لا يعبأ به» ، فإنّه لا يجوز في قولهم : «إلّا شيء» سوى الرفع ، وهو بدل من قولهم : «ما ذا بعلم غير علم نافع» برفع غير ، فلمّا سمع جار الله منه البيتين قال له : لقد جئت شيئا إدّا.
قال ياقوت (١) : حدّثني صدر الأفاضل قال : كتب إليّ الصوفيّ المعروف الصّوّاب يسألني عن قول حسان رضي الله عنه : [الوافر]
٥٦٩ ـ فمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
وقولهم : إن فيه ثلاثة عشر مرفوعا ، فأجبته : [البسيط]
أفدي إماما وميض البرق منصرع |
|
من خلف خاطره الوقّاد حين خطا |
يبغي الصّواب لدينا من مباحثه |
|
وما درى أنّ ما يعدو الصّواب خطا |
الذي يحضرني في هذا البيت من المرفوعات اثنا عشر ، فمنها قوله : فمن يهجو ، فيها ثلاثة مرفوعات ، المبتدأ أو الفعل المضارع والضمير المستكن ، ومنها المبتدأ المقدّر في قوله : ويمدحه ، والمعنى : ومن يمدحه فيكون هنا على حسب المثال الأول ثلاثة مرفوعات أيضا ، ومنها المرفوعان في قوله : وينصره ، أحدهما : الفعل المضارع والثاني : الضمير المستكن فيه ، ومنها المرفوعات الأربعة في قوله : سواء ، اثنان من حيث إنّه في مقام الخبرين للمبتدأين واثنان آخران من حيث إنّ في كلّ واحد ضميرا راجعا إلى المبتدأ ، فهذا يا سيّدي جهد المقلّ وغير مرجوّ قطع المدى من الكلّ. انتهى.
قال الصّفديّ بعد حكايته : بل المرفوعات ثلاثة عشر ، والباقي المبتدأ المحذوف المعطوف على قوله : «من» في الأول من قوله : فمن يهجو ، أي : ومن يمدحه ومن ينصره لأنّه قد قرّر أنّ في «يهجو» ثلاثة مرفوعات ، وكذا في «ويمدحه» وتحكّم في قوله : إنّ في «ينصره» مرفوعين ، والصورة واحدة في الثلاث. انتهى.
مناظرات ذكرها أبو بكر الزبيدي في (طبقات النحاة)
قال أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين (٣) : قال المازنيّ : كنت بحضرة
__________________
(١) انظر معجم الأدباء (١٦ / ٢٤٥).
٥٦٩ ـ الشاهد لحسان بن ثابت في ديوانه (ص ٧٦) ، وتذكرة النحاة (ص ٧٠) ، والدرر (١ / ٢٩٦) ، ومغني اللبيب (ص ٦٢٥) ، والمقتضب (٢ / ١٣٧) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (ص ٨٢) ، وهمع الهوامع (١ / ٨٨).
(٢) انظر طبقات النحويين واللغويين (ص ٨٨).