وما الحرف الذي يرفع الوضيع ، ويضع الرفيع؟ هو لام الابتداء ، إذا دخلت على الفعل المستقبل ارتفع لشبه الاسم ، وأعرب. وإذا دخلت على ظننت وأخواتها تمنعها العمل ، وتضعها عن منصبها.
ما الجملة المفيدة العارية من الرفع ، وفيها معنى الدعاء وطلب النفع؟ هو مثل قول الشّاعر : [الرجز]
٣٥٣ ـ يا ليت أيّام الصّبا رواجعا
جاز ذلك لما في (ليت) من معنى الدعاء ، وكان في الجملة مرفوعا من جهة المعنى لا في اللفظ.
وما الحرف الذي إن أعمل أشبه الفعل الكامل ، أو أهمل أبطل العوامل؟ هو (ما) على لغة الحجاز ، يقولون : ما زيد قائما ، فيشبه باب كان. وإذا أهمل دخل على إنّ وغيّرها ، فيبطل عملها ، وقد يبطل الفعل نحو : قلّما ، والاسم نحو : بينما.
وأيّ شيء إن نفيته وجب ، وإن أوجبته سلب؟ هو كاد.
وما الاسم المحذوف لامه في التكبير ، وعينه في التصغير؟ هو (ذا) لأنّه مكبّرا (فع) ومصغّرا (فيلا).
وما الزائد الذي يزيل الوصل ، ويظهر الفضل ، ويوجب الفصل؟ هو الألف الداخل عوضا من التنوين في المقصور المنصرف في الوقف مثل : رأيت عصا فإنها زائدة صرفت الأصل ، وأذهبت الوصل في الكلام ، وأظهرت الفضل على غير المنصرف لكونها عوضا من التنوين ، وأوجبت الفصل بين الاسم المنصرف مثل عصا وغير المنصرف مثل حبلى.
وما الحرف الذي شأنه ينقص الكامل ويفصل بين المعمول والعامل؟ هو النون الخفيفة إذا عنيت بها نون التوكيد نقصت الفعل المضارع وإن عنيت بها نون الوقاية فصلت بين المعمول والعامل ، انتهى.
طائفة أخرى من ألغاز النّحاة
قال القاضي بدر الدين بن الرضيّ الحنفيّ ملغزا ، وأرسل به إلى الشيخ شرف الدين الأنطاكيّ : [البسيط]
__________________
٣٥٣ ـ الرجز لرؤبة في شرح المفصل (١ / ١٠٤) ، وليس في ديوانه ، وللعجاج في ملحق ديوانه (٢ / ٣٠٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٩٠) ، وبلا نسبة في الجنى الداني (ص ٤٩٢) ، وجواهر الأدب (ص ٣٥٨) ، وخزانة الأدب (١٠ / ٢٣٤) ، والدرر (٢ / ١٧٠) ، ورصف المباني (ص ٢٩٨) ، وشرح الأشموني (١ / ١٣٥) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٤٣٤) ، وشرح المفصل (١ / ١٠٤) ، والكتاب (٢ / ١٤٢).