مع تنازع بين حرفين ، والشأن في التنازع اختصاصه بالأفعال وما يجري مجراها ، وإنّما خصّه النحاة بذلك ، إذ قصدوا فيه ما يتصوّر فيه إعمال العاملين.
وفيهما أيضا فصيحا قد يرى |
|
فعل وحرف يتنازعان |
يعني مثل : علمت أنّ زيدا قائم. فالاسمان قد يتنازع فيهما الفعل والحرف معا. لكنّ الواجب أن يعمل الحرف ، وهذه كالمسألة قبلها.
وقد يرى مبتدأ خبره |
|
في الرفع والنصب له حالان |
يعني المسألة الزنبوريّة (١) وبابها : كنت أظنّ أنّ العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هي ، قاله سيبويه. أو فإذا هو إيّاها ، قاله الكسائيّ وحكاه أبو زيد الأنصاري عن العرب. والضمير في الأول مبتدأ ولا خبر له من جهة المعنى غير الضمير الذي بعده ، لأنّه المستفاد من الكلام ، والخبر هو الجزء المستفاد من الجملة ، فرفعه ظاهر جليّ. والنصب في القول الصحيح على إضمار فعل ، قام معموله مقامه ، وناب عنه بنفسه دون فعل يحصل معناه ، والتقدير فإذا هو يساويها ، لأنّ باب : زيد زهير إنّما معناه يساويه.
ومما يدخل تحت هذا البيت ما أجازه بعض نحاة المتأخّرين في مثل قول ابن قتيبة في الأدب : إن اللطع بياض في الشفتين ، وأكثر ما يعتري ذلك السودان ، والنصب على أنّه مفعول يعتري وما مصدرية ، أي أكثر اعتراء ذلك السودان ، وهذا المفعول هو الذي أغنى عن الخبر ، لأنّ الجزء المستفاد من الكلام ، فموضع الإلغاز من هذه المسائل دخول النصب فيما هو خبر لمبتدأ جوازا في اللفظ ولزوما في المعنى. ومثل كلام ابن قتيبة قولك : أكثر ما أضرب زيد.
ما علة تمنع الاسم صرفه |
|
وهي وأخرى ليس تمنعان؟ |
يعني أنّ مثل صياقل وصيارف وملائك يمتنع صرفه بعلّة تناهي الجمع ، فإذا قلت : صياقلة وصيارفة انصرف مع بقاء الجمعيّة وانضمام التأنيث إليها. والتأنيث من علل منع الصرف ، ولكنّه بالتاء شاكل الآحاد ، فلذلك انصرف كطواعية وعلانية وكراهية.
ما اسم في الاستثناء منصوب به |
|
وهو أداته له الحكمان؟ |
يعني مسألة الاستثناء بغير وسوى ، نحو : قام القوم غير زيد. فغير منصوب على الاستثناء فنصبه نصب المستثنى ، وليس بمستثنى ، وإنّما هو أداة استثناء ، ومجروره هو المستثنى فهو غريب في بابه ، لأنه سرى إليه حكم مجروره ، فله حكم الأداة في
__________________
(١) انظر الإنصاف (ص ٧٠٢).