أبقيت ألف الوصل غير معتدّ بالحركة المنقولة ، لأنّها عارضة ، وإن شئت حذفت الألف معتدّا بلفظ الحركة بعدها.
وعلى هذا أجاز الفرّاء في مذهب ورش أن يقرأ (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) [الأنفال : ٦٦] ، ونحوه بثبوت الألف وحذفها ، وعلى هذا قرئ : (لَمِنَ الْآثِمِينَ) [المائدة : ١٠٦] ، بفتح نون من اعتبارا بسكون اللام لأنه الأصل ، كما تقول من الرجل.
وقرئ في الشاذّ : (لَمِنَ الْآثِمِينَ) بإدغام نون من في اللام اعتدادا بحركتها. كما تقول : من لدن. وهذا ، وإن كان البيت يسترسل عليه ، فليس هو المعتمد وجود الأمرين معا في الكلمة الواحدة والاستعمال الواحد سماعا من العرب. وذلك نحو ما حكى أبو عثمان المازنيّ من قول بعض العرب في رضوا رضيوا بسكون الضاد مع بقاء الياء ، فاعتدّوا بالسكون العارض فردّوا اللام التي كان حذفها لأجل الحركة فقالوا : رضيوا كما تقول في الأسماء ظبي ، ولم يعتدّوا بالسكون حين ردّوا اللام ياء وأصلها الواو من الرضوان. وإنّما أوجب انقلابها ياء الكسرة في رضي كسقي ودعي وبابهما ، فراعوا الكسرة الذاهبة في الياء الباقية ، فتدخل على هذه الكلمة العلّة في البيت قبل هذا مع ما ذكر فيه من أعياد ونحوه.
ما اسم كحرف من الاسم قبله |
|
هما كواحد والأصل اثنان؟ |
يعني : اثني عشر في باب العدد ، حذفت العرب نون اثنين منه لتنزيلها عشر منزلتهما إذ الإضافة فيه ، ولهذا يقولون : أحد عشرك وخمسة عشرك إلى سائرها ، ولم يقولوا : اثني عشرك. كما لا يصحّ في اثنين أن يضاف وفيه النون ، فاثنا عشر كاسم واحد في دلالته على مجموع ذلك العدد كدلالة عشرين ، وأصله اسمان : اثنان وعشرة ، لكن في قوله في البيت والأصل اثنان دون ضميمة. ففي البيت شيء ممّا تقدّم في قوله : ها هو للناظر كالعيان ، وفي قوله : يا هؤلاء أخبروا سائلكم ، وفي قوله : ما كلمة متى أتى اسم بعدها. وسيأتي التنبيه على نحو ذلك.
واسم له الرفع وما من رافع |
|
لديه من قاص ولا من دان |
يعني : الضمير الواقع فصلا المسمّى عند الكوفيّين عمادا ، لأنه اسم مرفوع دون رافع بعيد منه ولا قريب. وهو بدع من الأسماء في اللسان ، ولهذا وقع في كتاب سيبويه (١) : وعظيم والله جعلهم (هو) فصلا.
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٣٩٧).