البلاغة والتحقيق بالعلوم اللسانية والعقلية بحيث لا يدانيه أحد من أهل عصره» انتهى.
قلت : عبد الواحد هذا هو الكمال بن خطيب زملكا ، له شرح على المفصّل.
قال أبو حيان في (شرح التسهيل) : «زعم القاضي أبو بكر بن الطيّب يعني الباقلّاني أنّ كون (أن) تخلص إلى الاستقبال يؤدّي إلى القول بخلق القرآن ، وذلك قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس : ٨٢] ، فإن كان (أن يقول) سيقع كان القرآن مخلوقا ، وهذا هو الكفر عند قوم أو الضلال والبدعة».
قال أبو حيان : «أجاز ابن مالك الفصل بين (كي) ومعمولها أبي الفضل الصّفّار ، قال : وخلاف القاضي أبي بكر في اللسان غير معتبر».
قال أبو حيان : «والرد على القاضي أبي بكر في شرح بمعموله أو بجملة شرطية ، ولا يبطل عملها ، نحو : «جئت كي فيك أرغب» و «جئت كي إن تحسن أزورك» ، قال : «وهذا مذهب لم يتقدّم إليه ، فإنّ في المسألة مذهبين :
أحدهما : منع الفصل مطلقا باقية على العمل أم لا ، وهو مذهب البصريين وهشام ومن وافقه من الكوفيين.
والثاني : جوازه ، ويبطل عملها ، بل يتعيّن الرفع ، وهو مذهب الكسائي» قال : «فما قاله ابن مالك من الجواز مع الإعمال مذهب ثالث لا قائل به».
قال أبو حيان (١) : «من أغرب المنقولات ما نقله بعض أصحابنا عن أبي البقاء من أنّ اللام في نحو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) [الأنفال : ٣٣] هي لام كي» ، قال : «وهذا نظير من سمّى اللام في «ما جئتك لتكرمني» لام الجحود ، بل قول هذا أشبه لأنّ اللام جاءت بعد جحد لغة ، وإن كان ليس الجحد المصطلح عليه في لام الجحود ، وأمّا أن تسمّى هذه لام (كي) فسهو من قائله».
قال أبو حيان : «لا نعلم خلافا في نصب الفعل جوابا للأمر إلّا ما نقل عن العلاء ابن سيابة ، قالوا ـ وهو معلم الفراء ـ : إنّه كان لا يجيز ذلك».
باب الجوازم
قال أبو حيان : «من غريب الخلاف في (لا) التي للنهي والدعاء ما ذهب إليه أبو القاسم السهيلي من أنّها (لا) التي للنفي ، قال : لأنّ الناهي يطلب نفي الفعل
__________________
(١) انظر همع الهوامع (٢ / ٨).