ولكنّه فعل ما فعل بالظفر ، ولقد لعمري ظفر ، قال : فقلت : إنّ الله أنطقك أيها الأمير بما أنت أهله وأنطق غيرك بما هو أهله ، قال : فلمّا خرجنا قال لي شيبة : تخطّئني بين يدي الأمير! أما لتعلمنّ ، قال : فقلت : قد سمعت ما قلت وأرجو أن تجد غبّها ، قال : ثم لم أصبح حتى كتبت رقاعا عدّة ، فلم أدع ديوانا إلّا دسّيت إليه رقعة فيها أبيات قلتها فيه ، وأصبح الناس ينشدونها وهي (١) : [الخفيف]
عش بجدّ ولا يضرّك نوك |
|
إنّما عيش من ترى بالجدود |
عش بجدّ وكن هبنّقة القي |
|
سيّ نوكا أو شيبة بن الوليد |
شبت يا شيب يا جديّ بني القع |
|
قاع ما أنت بالحليم الرّشيد |
لا ولا فيك خلّة من خلال ال |
|
خير أحرزتها بحزم وجود |
غير ما أنّك المجيد لتقطي |
|
ع غناء وضرب دفّ وعود |
فعلى ذا وذاك يحتمل الدّه |
|
ر مجيدا له وغير مجيد |
أخرج هذه القصة أبو القاسم الزجاجي في (أماليه) من طريق أبي عبد الله اليزيدي عن عمه الفضل بن محمد عن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي ، فذكر القصة ، وفيها : فقال المهدي : قد اختلفتما وأنتما عالمان ، فمن ذا يفصل بينكما؟ قلت : فصحاء العرب المطبوعون.
قال الزجاجي : المسألة مبنيّة على الفساد للمغالطة ، فأمّا جواب الكسائي فغير مرضيّ عند أحد ، وجواب اليزيدي غير جائز أيضا عندنا ، لأنّه أضمر (إنّ) وأعملها ، وليس من قوّتها أن تضمر فتعمل ، فأمّا تكريرها فجائز قد جاء في القرآن والفصيح من الكلام ، والصواب عندنا في المسألة أن يقال : إنّ من خير القوم وأفضلهم أو خيرهم البتّة زيد ، فتضمر اسم (إنّ) فيها وتستأنف ما بعدها ، وذكر سيبويه أنّ (البتّة) مصدر لا تستعمله العرب إلّا بالألف واللام ، وأنّ حذفهما خطأ. انتهى.
مجلس بين ثعلب والمبرد (٢)
قال أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين : قال أبو عمر الزاهد : قال لي ثعلب : دخلت يوما على محمد بن عبد الله بن طاهر ، وعنده أبو العباس محمد بن يزيد وجماعة من أسنانه وكتّابه ، فلمّا قعدت قال لي محمد بن عبد الله : ما تقول في بيت امرئ القيس : [المتقارب]
__________________
(١) البيتان الأول والثاني في عيون الأخبار (١ / ٢٤٢).
(٢) انظر مجالس العلماء (ص ١٠٩) ، وشواهد الشافية (ص ١٥٩) ، وإنباه الرواة (١ / ١٤٥).