مجلس أبي عمرو بن العلاء مع عيسى بن عمر (١)
الكلام في قولهم : ليس الطّيب إلا المسك
قال الزجاجي في (أماليه) : أخبرنا أبو عبد الله اليزيدي يرفعه إلى عمّه عن جدّه أبي محمد اليزيدي ، واسمه يحيى بن المبارك ، قال : كنا في مجلس أبي عمرو ابن العلاء ، فجاءه عيسى بن عمر الثقفي فقال : يا أبا عمرو وما شيء بلغني عنك أنّك تجيزه؟ قال : وما هو؟ قال : بلغني أنّك تجيز : ليس الطّيب إلّا المسك ، بالرفع ، فقال له أبو عمرو : هيهات نمت وأدلج الناس ، ثم قال لي أبو عمرو : تعالى أنت يا يحيى وقال لخلف الأحمر : تعال أنت يا خلف ، امضيا إلى أبي مهديّة فلقّناه الرفع فإنّه يأبى ، وامضيا إلى المنتجع بن نبهان التميمي فلقّناه النصب فإنّه يأبى ، قال أبو محمد : فمضينا إلى أبي مهديّة فوجدناه قائما يصلّي ، فلمّا قضى صلاته أقبل علينا فقال : ما خطبكما؟ فقلت له : جئناك لنسألك عن شيء من كلام العرب ، قال : هاتياه ، فقلنا : كيف تقول : «ليس الطّيب إلّا المسك؟» فقال : أتأمراني بالكذب على كبر سنّي؟ فأين الزّعفران وأين الجاديّ وأين بنّة الإبل الصّادرة؟ فقال له خلف الأحمر : «ليس الشراب إلّا العسل» ، قال : فما تصنع سودان هجر (٢)؟ ما لهم غير هذا التمر ، فلمّا رأيت ذلك قلت له : كيف تقول : «ليس ملاك الأمر إلّا طاعة الله والعمل بها؟ فقال : هذا كلام لا دخل فيه ، ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها ، ونصب ، فلقّناه الرفع فأبى فكتبنا ما سمعنا منه ، ثم جئنا إلى المنتجع فقلنا له : كيف تقول : «ليس الطّيب إلّا المسك» ونصبنا؟ فقال : «ليس الطّيب إلّا المسك» ورفع ، وجهدنا به أن ينصب فلم ينصب ، فرجعنا إلى أبي عمرو وعنده عيسى بن عمر لم يبرح بعد ، فأخبرناه بما سمعنا ، فأخرج عيسى خاتمه من يده فدفعه إلى أبي عمرو وقال : بهذا سدت الناس يا أبا عمرو.
مجلس أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج مع رجل غريب (٣)
مسائل نحوية متفرّقة
قال الزجاجي في (أماليه) : حضرت أبا إسحاق الزجاج يوم الجمعة في مجلسه بالجامع الغربي بمدينة السّلام بعد الصلاة وقد دسّ إليه أبو موسى الحامض رجلا
__________________
(١) انظر مجالس العلماء (١) ، وأمالي الزجاجي (ص ٢٤١) ،
(٢) هجر : اسم لعدة مواضع منها مدينة وهي قاعدة البحرين. (معجم البلدان ٥ / ٣٩٣).
(٣) انظر أمالي الزجاجي (ص ٢٤٣) ، ومجالس العلماء (ص ٣٠٧).