مجلس محمد بن زياد الأعرابي مع أحمد بن حاتم (١)
بعض المعاني اللغوية
قال : وجدت بخط أبي نصر أحمد بن حاتم ، قال : اجتمعت أنا ومحمد بن زياد الأعرابي ، فسألته عن قول طفيل الغنوي : [الطويل]
٣٨٠ ـ تتابعن حتّى لم تكن لي ريبة |
|
ولم يك عمّا خبّروا متعقّب |
فقلت له ما معنى «متعقّب»؟ فقال : تكذيب ، فقلت له : أخطأت ، إنّما قوله : «متعقّب» أن تسأل عن الخبر ثانية بعد ما سألت عنه أوّل مرّة ، يقال : تعقّبت الخبر إذا سألت عنه غير من كنت سألت عنه أوّل مرّة ، ومنه يقال : تعقّبت في الغزو إذا غزوت ثم ثنّيت من سبتك ، وقوله : تتابعن يعني الأخبار ، وقال في مثله طفيل : [الطويل]
٣٨١ ـ وأطنابه أرسان جرد كأنّها |
|
صدور القنا من بادئ ومعقّب |
فأراد أنّ أطناب البيت أرسان الخيل ، وجرد : قصار الشعر ، وقوله كأنها صدور القنا في طولها وأراد كأنّها القنا ، والعرب تفعل هذا كقولك : جاء فلان على صدر راحلته ، وإنّما يريد : على راحلته ، وقوله : من بادئ ومعقّب ، يريد من فرس بادئ غزا أوّل مرّة ومعقّب غزا ثانية ، ومنه يقال : صلّى فلان أوّل اللّيل ثمّ عقّب ، يريد صلّى ثانية ، ثم سأله طاهر بن عبد الله بن طاهر ومعنا عدّة من العلماء عن معنى بيت طفيل : [الطويل]
٣٨٢ ـ كأنّ على أعرافه ولجامه |
|
سنا ضرم من عرفج متلهّب |
فقال له : ما معنى هذا البيت؟ فقال : أراد أنّ هذا الفرس شديد الشّقرة كحمرة النار ، فقلت له : ويحك! أما تستحيي من هذا التفسير؟ إنّما معناه : أنّ له حفيفا في جريه كحفيف النار ، ولهبه ، ثم أنشدته أبياتا حججا لهذا البيت ، قال امرؤ القيس : [المتقارب]
__________________
(١) انظر مجالس العلماء (ص ٢٨٢).
٣٨٠ ـ الشاهد لطفيل الغنوي في ديوانه (ص ٣٧) ، ولسان العرب (عقب) ، وديوان الأدب (٢ / ٤٣٨) ، والتنبيه والإيضاح (١ / ١١٩) ، وأساس البلاغة (عقب) ، وتاج العروس (عقب).
٣٨١ ـ الشاهد لطفيل الغنوي في ديوانه (ص ١٩) ، ومقاييس اللغة (٤ / ٨٢) ، والأغاني (١٥ / ٣٤١).
٣٨٢ ـ الشاهد لطفيل الغنوي في ديوانه (ص ٢٦) ، ولسان العرب (ضرم) ، وجمهرة اللغة (ص ١٣٢٩) ، وأمالي القالي (٢ / ٣٥) ، وسمط اللآلي (ص ٦٦٦) ، والمعاني الكبير (ص ١٧).