المنيح ، ثمّ فسّر فقال : المنيح من القداح الذي لا نصيب له ، وإنّما هو تكثير في القداح مثل السّفيح والوغد ، فقلت له : ويحك! إنّما يزجر ما جاء له نصيب ، وهذا خامل لا نصيب له ، ثم قال : مشهّر ، تفسير هذا البيت : القدح المعروف بالفوز فيستعار لكثرة فوزه وخروجه ، ومنه يقال : منحت فلانا ناقتي سنة ، والناقة تسمّى منيحة ، وذاك إذا أعطيته لبنها ووبرها سنة ثمّ يردها ، فكذلك هذا القدح يستعار ، فهو يتبرّك به لكثرة فوزه ، وأنشدته فيه حججا ، قال ابن مقبل يصف قدحا قد استعاره لكثرة فوزه : [الطويل]
٣٨٩ ـ مفدّى مؤدّى باليدين ملعّن |
|
خليع لحام فائز متمنّح |
فأراد بقوله : متمنّح : مستعار ، وقال عمرو بن قميئة : [الطويل]
٣٩٠ ـ بأيديهم مقرومة ومغالق |
|
يعود بأرزاق العيال منيحها |
فلو كان المنيح القدح الذي لا نصيب له ما كان يثير أرزاق العيال ، ولكنه هو الذي يمنح أي : يستعار فيفوز ويقمر ، ثم أنشدته في القدح الذي يستعار ويعلم بقعقب أو يؤثّر فيه بالأسنان ، قال لبيد : [الطويل]
٣٩١ ـ ذعرت قلاص الثّلج تحت ظلاله |
|
بمثنى الأيادي والمنيح المعقّب |
فإنّما عقّب علامة لكثرة فوزه وقمره ، قال دريد : [الوافر]
٣٩٢ ـ وأصفر من قداح النّبع فرع |
|
له علمان من عقب وضرس |
الضّرس : أن يعضّ بالضّرس ليؤثر فيه.
مجلس أبي محمد اليزيدي مع ياسين الزيات (٥)
حدّثنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي قال : أخبرني عمّي الفضل بن
__________________
٣٨٩ ـ الشاهد لابن مقبل في ديوانه (ص ٣٠) ، ومحاضرات الراغب (١ / ٣٤٥) ، والمعاني الكبير (١١٥٥).
٣٩٠ ـ الشاهد لعمرو بن قميئة في ديوانه (ص ١٧) ، ولسان العرب (سنح) ، والتنبيه والإيضاح (١ / ٢٤٨) ، وتهذيب اللغة (٤ / ٣٢٢) ، وتاج العروس (سنح).
٣٩١ ـ الشاهد للبيد في ديوانه (ص ١٧) ، وأساس البلاغة (قلص).
٣٩٢ ـ الشاهد لدريد بن الصمة في ديوانه (ص ١١٧) ، ولسان العرب (كفأ) و (عقب) و (ضرس) و (نبع) ، والتنبيه والإيضاح (١ / ١١٨) ، والمخصّص (١١ / ٣) ، وتاج العروس (كفأ) و (عقب) و (ضرس) و (نبع) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة (١٠ / ٣٩٠) ، ومجمل اللغة (٣ / ٣١٠) ، وديوان الأدب (٢ / ١٦١).
(١) انظر مجالس العلماء (٢٩٨).