يزيد قال : حدثني المازني قال : قال أبو عمر الجرمي يوما في مجلسه : من سألني عن بيت من جميع ما قالته العرب لا أعرفه فل عليّ سبق ، فسأله بعض من حضر ، قال أبو العباس : السائل المازني ولكنّه كنى عن نفسه ، فقال له : كيف تروي هذا البيت : [الكامل]
٣٩٣ ـ من كان مسرورا بمقتل مالك |
|
فليأت نسوتنا بوجه نهار |
يجد النّساء حواسرا يندبنه |
|
قد قمن قبل تبلّج الأسحار |
قد كنّ يخبأن الوجوه تستّرا |
|
فالآن حين بدون للنّظّار |
فقال له : كيف تروي بدأن أو بدين؟ فقال : بدأن ، فقال له : أخطأت ، ففكّر ثم قال : إنّا لله ، هذا عاقبة البغي.
قال صاحب الكتاب : وقع في هذه الحكاية سهو من الحاكي لها أو من الناقل وذلك أنّه حكى أنّ المازني حضر مجلس الجرمي وهذا غلط ، والذي حدثني به علي ابن سليمان وغيره أنّ الجرمي تكلم بهذا بحضرة الأصمعي ، والسائل له الأصمعي ، وإنّما كان ذلك على الأغلوطة والتّجربة.
مجلس أبي عثمان المازني مع أبي الحسن سعيد بن مسعدة (٢)
أخبرنا أبو جعفر الطبري قال : حدثني أبو عثمان المازني قال : قال لي الأخفش سعيد بن مسعدة يوما : على أيّ وجه أجاز سيبويه (٣) في تثنية كساء كساوان بالواو؟ فقلت : بالتشبيه بقولهم : حمراوان وبيضاوان لأنّها في اللفظ همزة كما أنّها همزة ، فقال لي : فيلزمه على هذا أن يجيز في تثنية حمراء حمراءان على التشبيه بقولهم : كساءان لأنك إذا أشبهت الشيء بالشيء فقد وجب أن يكون المشبه به مثله في بعض المواضع ، فقلت : هذا لازم لسيبويه ، ثم فكّرت فقلت : لا يلزمه هذا ، فقال لي : أليس لمّا شبّهنا ما بليس فأعملناها عمل ليس ، فقلنا : ما زيد قائما ، كما نقول : ليس زيد قائما شبّهنا أيضا ليس بما في بعض المواضع فقلنا : ليس الطّيب إلّا المسك؟ ومثل هذا كثير ، ومنهم من يقول : ليس الطّيب إلّا المسك ، فنصب ، فإنه لزم الأصل ، وذلك أنّ خبر ليس منصوب منفيّا كان أو موجبا ، لأنّها أخت كان ، والمنفيّ قولك :
__________________
٣٩٣ ـ الأبيات الثلاثة للربيع بن زياد العبسي في شرح الحماسة للمرزوقي (ص ٩٥٥) ، وأمالي المرتضى (١ / ٢١١) ، والأول والثاني في الخزانة (٣ / ٥٣٨) ، والبيت الأول في مجاز القرآن (١ / ٩٧) ، والبيت الثالث في الخصائص (٣ / ٣٠٠).
(١) انظر مجالس العلماء (ص ٣١٣).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ٣٨١).