ليس زيد قائما والموجب قولك : ليس زيد إلا قائما وما كان زيد إلا قائما كما تقول : ما كان زيد قائما وما كان زيد إلا قائما ، وأمّا من رفع فقال : ليس الطّيب إلّا المسك ففيه وجهان :
أحدهما : وهو الأجود ، أن يضمر في ليس اسمها ويجعل الجملة خبرها ، كما قال هشام أخو ذي الرّمّة : [البسيط]
٣٩٤ ـ هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها |
|
وليس منها شفاء الدّاء مبذول |
التقدير : ليس الأمر شفاء الداء مبذول منها ، ولكنّه إضمار لا يظهر ، لأنه أضمر على شريطة التفسير ، وتكون إلّا في المسألة مؤخرّة ، وتقديرها التقديم حتى يصحّ الكلام ، لأنها لا تقع بين المبتدأ والخبر ، فيكون التقدير : «ليس إلّا الطّيب المسك» ، ومثله (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) [الجاثية : ٣٢] ، تقديره : إن نحن إلّا نظن ظنّا.
والوجه الآخر : أن تجعل ليس بمنزلة ما فتلغي عملها لدخول إلّا في خبرها كما تلغي عمل ما إذا دخلت إلّا في خبرها ، كما حملوا ما على ليس فنصبوا خبرها ، لأنه ليس في العربية شيئان تضارعا فحمل أحدهما على الآخر إلّا جاز حمل الآخر عليه في بعض الأحوال.
فقلت : ليس هذا مثل ذاك ، وذلك أنّه لو أجاز سيبويه في تثنية حمراء : حمراءان لجعل علامة التأنيث غير متطرفة على صورتها ، وهي متطرفة ، فهل وجدت أنت علامة التأنيث متوسطة على صورتها متطرفة؟ فسكت.
ثم قال لي : لم أجد ذلك ، ولا يلزم سيبويه ما قلنا ، وما أحسن ما احتججت له.
مجلس أبي العباس ثعلب مع جماعة (٢)
حدثني أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش ، قال : أنشدنا أحمد بن يحيى ابن الأعرابي : [الرجز]
__________________
٣٩٤ ـ الشاهد لهشام بن عقبة في الأزهيّة (ص ١٩١) ، وتذكرة النحاة (ص ١٤١) ، والدرر (٢ / ٤٢) ، ولذي الرمة في شرح أبيات سيبويه (١ / ٤٢١) ، ولهشام أخي ذي الرمة في الكتاب (١ / ١١٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٠٤) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (٢ / ٨٦٨) ، ورصف المباني (ص ٣٠٢) ، وشرح المفصّل (٣ / ١١٦) ، والمقتضب (٤ / ١٠١) ، وهمع الهوامع (١ / ١١١).
(١) انظر مجالس العلماء (ص ٣١٦).