٣٩٥ ـ وصاحب أبدأ حلوا مزّا |
|
بحاجة القوم خفيفا نزّا |
إذا تغشّاه الكرى ابر خزّا |
|
كأنّ قطنا تحته وقزّا |
أو فرشا محشوّة إوزّا |
قال أبو الحسن : أنشدنا أبو العباس هذه الأبيات ثم قال : يا أصحاب المعاني ما تقولون؟ فخضنا فيه ، فلم نصنع شيئا ، فضحك ثم قال : أخبرني ابن الأعرابي أنّ اسم ابنته كان مزّة ، فناداها ورخّمها ، كأنّه قال : وصاحب أبدأ حلوا من القول يا مزّة ، ثم حذف الهاء للترخيم ، يقال : رجل نزّ إذا كان خفيفا في الحاجة ، ومثله خفيف وخفاف وندب بمعنى واحد ، وقوله : «ابرخزّا» يريد انتبه. يصفها بقلّة النوم وخفة الرأس ، وقوله : «مملوءة إوزّا» يريد : ريش إوزّ ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، كما يقال : صلّى المسجد أي : أهل المسجد.
مجلس أبي العباس أحمد بن يحيى
مع أبي الحسن محمد بن كيسان (٢)
حدّثني بعض أصحابنا قال : أخبرنا أبو الحسن بن كيسان قال : قال لي أبو العباس : كيف تقول مررت برجل قائم أبوه؟ فأجبته بخفض قائم ورفع الأب ، فقال لي : بأيّ شيء ترفعه؟ فقلت : بقائم ، فقال : أوليس هو عندكم اسما وتعيبوننا بتسميته فعلا دائما؟ فقلت : لفظه لفظ الأسماء ، وإذا وقع موقع الفعل المضارع وأدّى معناه عمل عمله ، لأنّه قد يعمل عمل الفعل ما ليس بفعل إذا ضارعه ، قال : فكيف تقول : مررت برجل أبوه قائم؟ فأجبته برفعهما جميعا ، فقال لي : فهل تجيز أن تقول : مررت برجل أبوه قائم ، فترفع به مؤخّرا كما رفعت به مقدّما؟ قلت : ذلك غير جائز عند أحد ، قال : ولمه؟ قلت : لأنه اسم جرى مجرى الفعل ، وإذا تقدّم عمل عمل الفعل ولم يكن فيه ضمير ، فإذا تأخّر كان بمنزلة الفعل المؤخّر ، فلزمه أن يقع فيه ضمير من الاسم المتقدم يرتفع به ، كما يكون ذلك في الفعل إذا تأخّر ، فلمّا كان الفعل لو ظهر هاهنا لم يرفع ما قبله كان الاسم الجاري مجراه أضعف في العمل ، وأخرى أن لا يعمل فيما قبله ، فقال لي : فاجعل الاسم مرفوعا بالابتداء وما بعده خبره على مذهبكم ، لأنّ خبر المبتدأ عندكم يكون مخفوضا ومنصوبا ، كما تقولون : زيد
__________________
٣٩٥ ـ البيتان الأول والثاني بلا نسبة في لسان العرب (نزز) ، وتهذيب اللغة (١٣ / ١٦٩) ، والرابع والخامس بلا نسبة في لسان العرب (وزز) ، والمخصّص (٨ / ١٦٦) ، وكتاب الجيم (٣ / ٣٠٢).
(١) انظر مجالس العلماء (ص ٣١٨).