شغلت ثمّ أتت ترقبه |
|
فإذا هي بعظام ودما |
فأفاقت فوقه ترشفه |
|
وأغيض القلب منها ندما |
فالدّم في موضع خفض عطف على العظام ، ولكنّه جاء به على الأصل مقصورا كما ترى ، وكان الأصمعي يقول : إنّما الرواية : فإذا هي بعظام ودماء ثم قصر الممدود ، والأطوم : البقرة الوحشية ، وبرغزها : ولدها ، والغبس جمع أغبس وهي الكلاب.
مجلس أبي العباس مع رجل من النحويين (١)
حدثني علي بن سليمان قال : سأل رجل أبا العباس في مجلسه عن قول الشاعر :
مرحبا بالّذي إذا جاء جاء ال |
|
خير أو غاب غاب عن كلّ خير |
فقال : أيهجوه أم يمدحه؟ فقال : بل يهجوه ، وفيه تقديران : أحدهما : تفسير محمد بن يزيد ، قال : يصفه بالغفلة والبلادة ، وتقديره : مرحبا بالذي إذا جاء جاء الخير ، أي حضوره غيبة ، فهذا المصراع في ذكر بلادته وغفلته ، ثم قال : أو غاب غاب عن كلّ خير ، معناه : أنّ الخير عندنا ، فإذا غاب غاب عن كلّ خير ، لأنّه لا يرجع إلى خير عنده.
قال أبو العباس أحمد : إنّما وصفه بالحرمان فقط ، وتقدير الكلام عنده : مرحبا بالذي إذا جاء غاب عن كل خير جاء الخير أو غاب ، يصفه بالحرمان والشّؤم على كلّ حال.
وقد رواه غيرهما بالنصب ، معناه مرحبا بالذي إذا جاء أتى الخير أي : صادف الخير عندنا ، أو غاب غاب عن كل خير ، أي : أنّه لا يرى الخير إلّا عندنا ، فإذا غاب عنّا حرم ، ولم يصادف خيرا ، ومثل هذا ممّا يسأل عنه : [الوافر]
٣٩٩ ـ سألنا من أباك سراة تيم |
|
فقال : أبي تسوّده نزارا |
تقديره : سألنا أباك نزارا من سراة تيم تسوّده؟ فقال : أبي ، ينتصب «أباك» بوقوع السؤال عليه و «نزارا» بدل منه ، «من» رفع بالابتداء وسراة مبتدأ ثان وتسوّده الخبر ، والمبتدأ الثاني والخبر خبر الأول ، وقوله : فقال أبي ، تقديره : هو أبي ، فيكون
__________________
(١) انظر مجالس العلماء (٣٣١).
٣٩٩ ـ الشاهد بلا نسبة في إعراب أبيات ملغزة (ص ١٢٣).