أجراها الشاعر المفتخر في شعره ، قال : وما هي؟ قلت : أراد بالشمس إبراهيم خليل الرّحمن ، وبالقمر محمدا صلّى الله عليه وسلّم عليهما ، وبالنجوم الخلفاء الراشدين ، قال : فاشرأبّ أمير المؤمنين ، ثم قال : يا فضل بن الربيع احمل إليه مائة ألف درهم ومائة ألف لقضاء دينه.
مسألة بين الزجاجي وبين ابن الأنباري في معنى المصدر
قال الزجاجي في كتابه المسمّى (إيضاح علل النحو) (١) : مسألة جرت بيني وبين أبي بكر الأنباري في المصدر ، قلت له مرة : ما المصدر في كلام العرب من طريق اللغة؟ فقال : المصدر : المكان الذي يصدر عنه ، كقولنا : مصدر الإبل وما أشبهه ، ثم تقول : مصدر الأمر والرأي تشبيها ، والمصدر أيضا هو الذي يسميه النحويون مصدرا ، كقولنا : ضرب زيد ضربا ومضربا وقام قياما ومقاما وما أشبه ذلك ، والمفعل يكون مكانا ومصدرا ، قلت له : فإذا كان كذلك فلم زعم الفراء أنّ المصدر منصدر عن الفعل ، فأيّ قياس جعله بمنزلة الفاعل؟ وقد صحّ عندك أنّه يكون معمولا فيه بمعنى مصدر أو مكان كما ذكرت وهل يعرف في كلام العرب مفعل بمعنى الفاعل فيكون المصدر ملحقا به؟ فقال : ليس هو كذلك عند الفراء ، إنّما هو عنده بمعنى مفعول ، كأنه أصدر عن الفعل لا أنه هو صدر عنه ، فهو بمعنى مفعول ، كما قيل : مركب فاره ومعناه مركوب ومشرب عذب ومعناه مشروب ، قال الشاعر : [الطويل]
٤٠٥ ـ وقد عاد عذب الماء بحرا فزادني |
|
على ظمئي أن أبحر المشرب العذب |
أراد المشروب العذب ، يقال : أبحر الماء واستبحرته ، إذا صار ملحا غليظا ، قلت له : ليس يجب أن يجعل دليله على صحة دعواه ما ينازع فيه ولا يسلم له ، ولا يجده في كلام العرب ، قال : فأين وجه المنازعة هاهنا؟ قلت له : إجماع النحويين كلهم على أنّ المأكل يكون بمعنى الأكل والمكان والمشرب بمعنى الشّرب والمكان ، ومنه قيل : رجل مقنع أي مقنوع به ، وليس في كلام العرب مفعل بمعنى مفعل ، ليس فيه مكرم ، بمعنى مكرم ، ولا معطى بمعنى معطى ولا مقفل بمعنى مقفل ، إنما يجيء المفعل بمعنى المفعول فهل تعرف أنت في كلامهم مفعلا بمعنى مفعل معدولا عنه ، فيكون مصدرا ملحقا به ، هل تعرفه في كلامهم أو تذكر له شاهدا
__________________
(١) انظر الإيضاح في علل النحو (ص ٦٢).
٤٠٥ ـ الشاهد لنصيب في ديوانه (ص ٦٦) ، ولسان العرب (بحر) ، و (خرف) ، وأساس البلاغة (ملح).