من شعر أو غيره ، أو رواية أو قياسا يعمل عليه؟ فقال : إنّ أصحابنا يقولون : المصدر جاء بمعنى مفعل شاذا لا يقاس عليه ، إنّما هو اختصاص غير مقيس عليه ، والشواذ في كلامهم غير مدفوعة. قلت له : أمّا إذا صاروا إلى باب الشهوات والدعاوى بغير برهان فالكلام بيننا ساقط ، فأمّا الشواذ فإنّما يقبل ما نقلته النقلة وسمع منها في شعر أو شاهد كلام ، لا ما يدّعيه المدّعون قياسا ، وقد قال بعض أصحابنا : إنّ المصدر بمعنى الانصدار ، كأنّه ذو الانصدار منه ، كما قيل : السّلام المؤمن ، ومعناه ذو السّلام ، قلت له : فقد رجع القول بنا إلى أنّه في معنى فاعل ، وقد مضى الكلام فيه ، فذكرت ما جرى بيننا لأبي بكر بن الخياط فقال : هذه أشياء يولّدها من عنده على مذاهب القوم ، ليست محكيّة عن الفراء ولا موجودة في كتبه ، ولكنّها ممّا يرى أنّها تؤيد المذهب وتنصره ، ثم رأيته بعد ذلك بمدة بعيدة قد ذكر هذه الاحتجاجات أو قريبا منها في بعض كتبه ولم يرجع عنها.
مسائل سأل عنها أبو بكر الشيباني أبا القاسم الزجاجي
هذه إحدى عشرة مسألة سأل عنها أبو بكر الشّيباني أبا القاسم الزّجاجي في كتاب أنفذه إليه من طبريّة إلى دمشق فكتب إليه في الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
حفظك الله وأبقاك وأتمّ نعمته عليك وأدامها لك ، وقفت يا أخي جعلني الله فداك على مضمّن كتابك الوارد مع أخينا حفظه الله ، والجواب عنه يصدر إليك ولا يتأخر بحول الله ومشيئته ، ووقفت على ما ضمّنته آخره من المسائل التي اشتبهت عليك ، وبادرت إليك بتفسيرها في هذا الكتاب لعلمي بتعلّق قلبك بها ، وليتعجّل أخونا حفظه الله الانتفاع بها ، وأتبعتها مسائل من عندي منتخبة من ضروب شتّى ، أنت تقف عليها وتذكرني بها ، ومهما عرض لك من أمثال هذا فلا تنقبض في مفاتحتي به ، فإنّي أسرّ بذلك ، وأقضي إليك فيه ما عندك على مبلغ ما يتناهى إليه علمي إن شاء الله تعالى.
المسألة الأولى
أما قولهم : «هذا زيد السّعديّ سعد بكر» وقولك : كيف يعرب سعد ، وما الاختيار فيه فإنّ هذه المسألة يختار فيها الكوفيون الخفض ، فيقولون : زيد السّعديّ سعد بكر ، قالوا : لأن معنى قولنا : زيد السعديّ : زيد من سعد ، ثم تقول : سعد بكر على الترجمة ، لأنّا نريد بهذا الكلام الإضافة ، وليس يمتنعون من إجازة نصبه.