لها بحمراويّ وصفراويّ ، وكما أجازوا في التثنية كساوان وسقاوان تشبيها بقولهم : حمراوان ، والوجه الهمز ، وكذلك قد أجاز سيبويه (١) في النسب إلى سقاية وصلاية سقاويّ وصلاويّ ، والاختيار عنده سقاويّ وصلائيّ على ما ذكرت لك.
وأما قاليقلا فليس من هذا ، لأنّ هذا من جنس الأسماء المركبة من اسمين نحو : معديكرب وبعلبك ورام هرمز وشغر بغر في قولهم : «ذهب القوم شغر بغر» أي : متفرّقين ، و «ذهبت غنمه شذر مذر» ، وكذلك (قالي قلا) ، حكاه سيبويه (٢) في هذا الباب مع هذه الأسماء ، وذكر أنّه في اسمين جعلا اسما واحدا ، فالنّسب إلى هذا الجنس من الأسماء بحذف الآخر والنسب إلى الصدر ، كقولك في النسب إلى معديكرب : معديّ وإلى رام هرمز : راميّ وإلى بعلبك : بعليّ ، فأمّا قولهم : بعلبكيّ فمولّد من اصطلاح العامة عليه ، وإنّما وجب حذف الآخر من هذا الجنس في النّسب كما تحذف هاء التأنيث ، لأنّ القياس فيهما سواء ، كقولك في طلحة : طلحيّ وفي عائشة : عائشيّ فكذلك قاليقلا ، النّسب إليه : قاليّ كما ترى بحذف العجز ، والنسب إلى الصدر كما ذكرت لك.
المسألة الثالثة
كيف الاختيار في قولهم : «هذه ثلاث مائة درهم فضّة خلاص وازنة جياد» الرفع أم النصب؟ أمّا الوجه في الفضّة والخلاص والجياد فالنصب ، لأنّ هذا تمييز جنس الفضّة وتخليصه ، فتقول : هذه ثلاث مائة درهم فضة خلاصا جيادا ، فنصبه على التمييز والتفسير ، فتميز ثلاث مائة بالدّرهم المخفوض ، لأنّه وإن كان مخفوضا فهو مفسّر لجنس الفضة ، لأنّ ثلاث المائة جائز أن تكون دراهم وغير دراهم ، ثم تميّز الجملة بالفضة ، أعني جملة الدراهم التي دلّ عليها الدرهم بالفضة ، لأنّ الدراهم جائز أن تكون فضة وغير فضة من شبه ونحاس ورصاص وحديد ، تم تميز الفضة بالخلاص لأنّ منها خلاصا وغير خلاص ، ثم تميز ذلك بالجياد ، هذا وجه الإعراب والاختيار ، والرفع جائز على إضمار المبتدأ فتقول : هذه ثلاث مائة درهم فضّة خلاص جياد ، وأمّا الاختيار في «وازنة» لو أفردتها فالرفع ، فتقول : هذه ثلاث مائة درهم وازنة فترفعها على النعت ، لأنّها ممّا يميّز بها ما قبلها ، لأنّها غير مميّزة جنسا من جنس ، إذ كانت غير دالّة على جنس من الأجناس ، كدلالة الفضة والخلاص والجياد ، وإنّما هي
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٣٨١).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ٣٣٧).