وتبعه على ذلك ابن الحاجب وابن هشام ، ويقال : إنه مذهب الرّمّاني أيضا.
أجاب الشيخ تاج الدين التبريزي عنه : بأنّا لا نسلّم أنّ من شرط المفعول به جوده في الأعيان قبل إيجاد الفعل ، وإنّما الشرط توقف عقلية الفعل عليه ، سواء كان موجودا في الخارج نحو : ضربت زيدا أو ما ضربته ، أم لم يكن موجودا. نحو : بنيت الدار ، قال الله تعالى : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) [طه : ٥٠] فإنّ الأشياء متعلّقة بفعل الفاعل بحسب عقليّته. ثمّ قد توجد في الخارج وقد لا توجد ، وذلك لا يخرجه عن كونه مفعولا به. وقال الله تعالى : (خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) [مريم : ٩].
وأجاب الشيخ شمس الدين الأصفهاني في (شرح الحاجبية) : بأنّ المفعول به بالنسبة إلى فعل غير الإيجاد يقتضي أن يكون موجودا ، ثمّ أوجد الفاعل فيه شيئا آخر ، فإنّ إثبات صفة غير الإيجاد يستدعي ثبوت الموصوف أولا ، وأمّا المفعول به بالنسبة إلى الإيجاد فلا يقتضي أن يكون موجودا ثمّ أوجد الفاعل فيه الوجود ، بل يقتضي ألّا يكون موجودا ، وإلّا لكان تحصيلا للحاصل. انتهى.
فائدة
(من) في قولهم : زيد أفضل من عمرو لابتداء الارتفاع
قال سيبويه : «(من) في قوله : «زيد أفضل من عمرو لابتداء الارتفاع» ، واعترض بأنّه لا يقع بعدها (إلى)». انتهى.
وأجاب الشيخ ركن الدين بأنّ المتكلم غرضه بيان ابتداء الفضل ، وليس له غرض في انتهائه ، فتأمّل.
ترك العطف في قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ)
من فوائد الشيخ كمال الدين بن الزّملكاني في تفسير قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ) [التوبة : ١١٢] الآية.
في الجواب عن السؤال المشهور ، وهو أنّه كيف ترك العطف في جميع الصفات ، وعطف (النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) على (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بالواو؟
قال : عندي فيه وجه حسن ، وهو أنّ الصفات تارة تنسق بحرف العطف ، وتارة تذكر بغيره ، ولكلّ مقام معنى يناسبه ؛ فإذا كان المقام مقام تعداد صفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف ، وإن أريد الجمع بين الصّفتين ، أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف ، وكذلك إذا أريد التنويع لعدم اجتماعهما أتي