تدخلوا غير ناظرين إلّا أن يؤذن لكن ، ويكون المعنى : إنّ دخولهم غير ناظرين إناه مشروط بالإذن ، وأمّا «ناظرين» فممنوع مطلقا بطريق الأولى. ثمّ قدّم المستثنى ، وأخّر الحال ، فلو أراد هذا كان إيراد الشيخ متّجها من جهة النحو.
ثمّ قلت ـ أكرمك الله ـ : «الثاني» وكأنّك أردت الثاني من الأمرين اللّذين اختلف النّحاة فيهما ، وذكرت استثناء شيئين. وقد قدّمت أنّني لم أظفر بصريح نقل في المسألة ، والذي يظهر أنّه لا يجوز بلا خلاف ، كما لا يكون فاعلان لفعل واحد ، ولا مفعولان بهما لفعل واحد لا يتعدّى إلى أكثر من واحد ، كذلك لا يكون مستثنيان من مستثنى واحد بأداة واحدة ، ولا من مستثنى منهما بأداة واحدة ، لأنّها كقولك استثني المتعدّي إلى واحد. فكما لا يجوز في الفعل لا يجوز في الحرف بطريق الأولى ، ولذلك اتّفقوا على ذلك ولم يتكلّموا فيه في غير باب «أعطى» وشبهه.
وقولك إنّه لا يكاد يظهر لها مانع صناعيّ ، وهي جديرة بالمنع ، وما المانع من قول الشخص : «ما أعطيت أحدا شيئا إلّا عمرا دانقا» وإنّما ينبغي منع ذلك في مثل «إلّا عمرا زيدا» إذا كان العامل يطلبهما بعمل واحد ؛ أمّا إذا طلبهما بجهتين فليس يمتنع ، ولم يذكر ابن مالك حجّة إلّا الشّبه بالعطف ، ونحن نقول في العطف بالجواز في مثل : «ما ضرب زيد عمرا وبكر خالدا» قطعا ، فنظيره «ما أعطيت أحدا شيئا إلّا زيدا دانقا». وصرّح ابن مالك بمنعه. وقد فهمت ما قلته ، وقد تقدّم الكلام بما فيه كفاية وجواب إن شاء الله. وقولك إنّ الآية نظيره ممنوع ، بل هي جائزة وهو ممنوع والله أعلم.
رأي النحاة في بيت من الشعر
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم ، رأيت في بعض المجاميع من كلام أبي محمّد بن عبد الله بن بريّ على قول الشّاعر في وصف دينار : [المتقارب]
٦٣٨ ـ وأصفر من ضرب دار الملوك |
|
تلوح على وجهه جعفرا |
ملخّصه : أنّ في (تلوح) روايتين ، إحداهما رواية الفرّاء ـ وهي الرّواية الصحيحة ـ أنّها بالتاء. ولا إشكال على نصب (جعفر) على هذه ، لأنّه مفعول بتلوح ، وتلوح بمعنى ترى وتبصر ، تقول : لحت الشّيء إذا أبصرته. وهذا بيّن لا إشكال فيه ولا تعسّف في إعرابه.
__________________
٦٣٨ ـ الشاهد بلا نسبة في تاج العروس (لوح).