٦٥٤ ـ من كان في نفسه حوجاء يطلبها |
|
عندي ، فإنّي له رهن بإصحار |
والعرب تقول : «بداءات حوائجك» في كثير من كلامهم. وكثيرا ما يقول ابن السّكّيت : إنّهم كانوا يقضون جوائجهم في البساتين والرّاحات. وإنّما غلّط الأصمعيّ في هذه اللفظة حتى جعلها مولّدة كونها خارجة عن القياس ؛ لأنّ ما كان على مثال (حاجة) مثل غارة ، وحارة ، لا يجمع على غوائر وحوائر ، فقطع بذلك على أنّها مولّدة غير فصيحة. على أنّه حكى الرّقاشي والسّجستاني عن عبد الرحمن عن الأصمعي أنّه رجع عن هذا القول ، وإنّما هو شيء كان عرض له من غير بحث ولا نظر ، وهذا هو الأشبه به ، لأنّ مثله لا يجهل ذلك ، إذ كان موجودا في كلام النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وكلام غيره من العرب الفصحاء. وذكر سيبويه في كتابه أنّه يقال : «تنجّز حوائجه واستنجزها».
وكأنّ القاسم بن علي الحريريّ لم يمرّ به إلّا القول الأول المحكيّ عن الأصمعي دون القول الثاني ، ولو أنّه سلك مسلك النّظر والتسديد ، وأضرب عن مذهب التّسليم والتّقليد ، لكان الحق أقرب إليه من حبل الوريد ـ آخر المسألة ـ.
مسألة
ومن فوائد الشيخ جمال الدّين بن هشام
سئلت عن الفرق بين قولنا : «والله لا كلّمت زيدا ولا عمرا ولا بكرا» بتكرار (لا) وبدون تكرارها ، حتى قيل : إنّ الكلام مع التكرار أيمان في كلّ منها كفّارة ، وأنّه بدون التكرار يمين ، في مجموعها كفّارة.
والجواب : أنّ بينهما فرقا ينبني على قاعدة ، وهي أنّ الاسمين المتفقي الإعراب المتوسّط بينهما واو العطف تارة يتعيّن كونهما متعاطفين ، وتارة يمتنع ذلك ، ويجب تقدير مع الباقي ، ويكون العطف من باب عطف الجمل ؛ وتارة يجوز الأمران.
فالأول نحو : «اختصم زيد وعمرو» ، واصطلح زيد وعمرو» و «جلست بين زيد وعمرو» و «هذان زيد وعمرو» ؛ وذلك لأنّ الاختصام والإصلاح والبينيّة والمبتدأ الدّال على متعدّد ، لا يكتفي بالاسم المفرد.
والثاني نحو : «قامت هند وزيد» ، وقوله تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)
__________________
٦٥٤ ـ الشاهد لقيس بن رفاعة في التنبيه والإيضاح (١ / ٢٠١) ، وبلا نسبة في لسان العرب (حوج).