قلت له : أفيجوز أن تقول : (عرفت) : ما كان ضدّه في اللّفظ (أنكرت) ، و (علمت) : ما كان ضدّه في اللّفظ (جهلت) ، فإذا أريد ب (علمت) العلم المعاقبة عبارته الإنكار تعدّى إلى مفعول واحد ، وإذا أريد بالعلم المعاقبة عبارته الجهل تعدّى إلى مفعولين. ويكون هذا فرقا بينهما صحيحا ، لأنّ (أنكرت) ليست بمعنى (جهلت) ، لأنّ الإنكار قد يصاحبه العلم ، والجهل لا يصاحبه العلم ، ولأنّه إنّما ينكر الإنسان ما يعلمه ، ولا يصحّ أن ينكر ما قد يجهله ، ولأنّ الجهل يكون في القلب فقط ، والإنكار يكون باللّسان ، وإن وصف القلب به كقولك : «أنكره قلبي» كان مجازا ، وكون الإنكار باللّسان دلالة على أنّ المعرفة متعلّقة بالمشاعر فقال : هذا صحيح والله أعلم.
الشروط التي يتحقّق بها تنازع العوامل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلاته على سيّدنا محمد خير خلقه وآله. قال الفقير إلى ربّه عبد الله بن هشام غفر الله له ولوالديه ولأحبابه ولجميع المؤمنين :
هذا فصل في الشّروط التي بها يتحقّق تنازع العاملين أو العوامل.
قد تتبّعنا ذلك فوجدناه منحصرا في خمسة شروط ، شرطين في العامل وشرطين في المعمول وشرط بينهما.
فأمّا الشرطان اللّذان في العامل :
فأحدهما : ألّا يكون من نوع الحروف ، فلا تنازع في نحو «إن لم تفعل» ولا في نحو قول الشاعر : [مشطور الرجز]
٦٦٠ ـ حتى تراها وكأنّ وكأن |
|
أعناقها مشدّدات في قرن |
خلافا لبعضهم.
الثاني : أنّ يكون كلّ منهما طالبا من حيث المعنى لما فرض التّنازع فيه ، فلا تنازع في : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) [النمل : ١٤] لأنّ طالب الظّلم والعلوّ الجحد لا الاستيقان ، ولا في : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)
__________________
٦٦٠ ـ الرجز لخطام المجاشعي ، أو للأغلب العجلي في الدرر (٦ / ٥٠) ، وشرح التصريح (٢ / ١٣٠) ، والمقاصد النحوية (٤ / ١٠٠) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٣ / ٣٤٢) ، وشرح الأشموني (٢ / ٤١٠) ، وشرح التصريح (١ / ٣١٧) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٥).