وفي كتاب (إصلاح الغلط) (١) لابن قتيبة قال : قرأت على ثعلب قول الشاعر : [الطويل]
٦٦٤ ـ فرطن فلا ردّ لما فات وانقضى |
|
ولكن بغوض أن يقال عديم |
قال : ما معنى بغوض ثمّ قال : بلغني أن الخلديّ ـ يعني المبرّد ـ أنّه صحّف هذا البيت وذكر أنّه سمعه من أصحابه هكذا ، فإن يكن تصحيفا من سيبويه فقد صحّفوا كلّهم. فقلت له : فكيف الرّواية فقال : هذا يصف رجلا مات له ميّت فقال له : فرطن ، يعني المدامع ، فلا ردّ لما فات : يعني من الموت ، ولكن تعوّض الصّبر عن مصيبتك ولا تكثر الجزع فيقال عديم.
قال ابن قتيبة : وهذا المعنى أجود وأولى بتفسير البيت ممّا جاء به أصحابنا ، وقد عرضت كلامه في ذلك على أبي إسحاق الزجّاج فاستحسنه الجماعة.
شروط التنازع
التنازع له شروط :
الأول : أن يتقدّم عاملان فأكثر ولا يقع بين المتأخرين ، هكذا أطلق المتأخرون ومنهم ابن مالك وعلّل بعلّة قاصرة. وشرط هذا العامل أمور :
أحدها : عند بعض النّحاة ، وهو ألّا يكون فعل تعجّب ، لأنّه جرى مجرى المثل فلا يتصرّف فيه بفصل ولا غيره. وأجازه أبو العباس ومنعه ابن مالك. قال : لكن بشرط إعمال الثاني كقولك : «ما أحسن وأعقل زيدا» بنصب (زيدا) ب (أعقل) لا ب (أحسن) لئلّا يلزم فصل ما لا يجوز فصله. وكذلك أحسن به وأعقل بزيد بإعمال الثاني ولا تعمل الأوّل فتقول : وأعقل به بزيد للفصل ، ويجوز على أصل الفرّاء : «أحسن وأعقل بزيد» على أنّ أصله : أحسن به ثمّ حذفت الباء لدلالة الثانية عليها ، ثمّ اتّصل الضمير واستتر كما استتر في الثاني في (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] إلّا أنّ الاستدلال بالأوّل على الثاني أكثر.
والثاني : ألّا يكون حرفا ، قال ابن عمرون : وجوّز بعضهم التّنازع في (لعلّ) و (عسى) فيقال : «لعلّ وعسى زيد أن يخرج» على إعمال الثاني ، و «لعلّ وعسى زيدا خارج» على إعمال الأوّل ، وليس واضحا ، إذ لا يقال : عسى زيد خارجا ، ويلزم منه حذف منصوب عسى.
__________________
(١) هو كتاب إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث.
٦٦٤ ـ الشاهد لمزاحم العقيلي في لسان العرب (بغض) ، والكتاب (٢ / ٣١٠).