منه ، ورجا ثوابه وطمع فيه ، فهذه أفعال سبعة متّحدة المعاني ، وهي مختلفة بالتّعدّي واللّزوم ، فدلّ على أنّ الفعل المتعدّي لا يتميّز من غيره بالمعنى. بشر الحافي (١) يذكر حاله في المسلمين : [البسيط]
قطع اللّيالي مع الأيّام في خلق |
|
والنّوم تحت رواق الهمّ والقلق |
أحرى وأجدر لي من أن يقال غدا : |
|
أنّي التمست الغنى من كفّ مرتزق |
قالوا رضيت بذا قلت القنوع غنى |
|
ليس الغنى كثرة الأموال والورق |
رضيت بالله في عسري وفي يسري |
|
فلست أسلك إلّا واضح الطّرق |
وقال بعضهم في التّنازع أيضا : [الطويل]
٦٦٦ ـ طلبت فلم أدرك بوجهي فليتني |
|
قعدت ولم أبغ النّدى بعد سائب |
وقد تنازع أربعة عوامل معمولا واحدا وهو النّدى فتأمّل.
قال الشيخ جمال الدين بن هشام : اجتمع في هذا البيت تنازع بين اثنين ، وتنازع بين ثلاثة ، وتنازع بين أربعة ، فقد تنازع (طلبت) و (لم أدرك) في (بوجهي) ، وقد تنازعا و (لم أبغ) في النّدى ، وقد تنازع الثلاثة و (قعدت) في الظّرف ، فهذه اتّفاقية غريبة. انتهى. ففي قوله : «معمولا واحدا» وهو (النّدى) نظر ، بل المعمول الواحد قوله (بعد) كما قرّره الشيخ جمال الدين رحمة الله عليه والمسلمين أجمعين.
تهذيب ابن هشام لكتاب الشذا في أحكام
(كذا) لأبي حيّان
قال الشيخ جمال الدّين بن هشام : بسم الله الرّحمن الرّحيم وصلّى الله على محمد وآله وصحبه وبعد :
فإنّي لمّا وقفت على (كتاب الشّذا في أحكام كذا) لأبي حيّان رحمه الله تعالى رأيته لم يزد على أن نسخ أقوالا وجدها وجمع عبارات وعدّدها ، ولم يفصح كلّ الإفصاح عن حقيقتها وأقسامها ، ولا بيّن ما يعتمد عليه ممّا أورده من أحكامها ، ولا نبّه على ما أجمع عليه أرباب تلك الأقوال واتّفقوا ، ولا أعرب عمّا اختلفوا فيه
__________________
(١) أبو نصر بشر بن الحارث الحافي : أحد المتصوفة الكبار ، سكن بغداد ومات فيها سنة سبع وعشرين ومأتين
٦٦٦ ـ الشاهد للحماسي في حاشية ياسين على التصريح (١ / ٣١٦) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (١ / ٢٠٣).