مسألة في التعجب
من إلقاء أبي بكر محمّد بن الأنباري : تقول : «ما أحسن عبد الله» (ما) رفع رفعتها بما في (أحسن) ، ونصبت (عبد الله) على التّعجّب.
وتقول في الذّمّ : «ما أحسن عبد الله» ، ف (ما) لا موضع لها لأنّها جحد ، ورفعت (عبد الله) بفعله ، وفعله (ما أحسن).
وتقول في الاستفهام : «ما أحسن عبد الله»؟ ف (ما) رفع ب (أحسن) ، و (أحسن) بها ، والتأويل : أيّ شيء فيه أحسن؟ أعيناه أو أنفه؟.
وتقول إذا رددته إلى نفسك في التّعجّب : «ما أحسنني» ، ف (ما) رفع بما في أحسنني ، والنون والياء موضعهما نصب على التّعجّب.
وتقول في الذّمّ إذا رددته إلى نفسك : «ما أحسنت» ، ف (ما) جحد لا موضع لها ، والتاء مرفوعة بفعلها ، وفعلها «ما أحسنت».
وتقول في الاستفهام : «ما أحسنني»؟ ف (ما) رفع ب (أحسن) ، و (أحسن) بها ، والياء في موضع خفض بإضافة (أحسن) إليها.
فإن قلت : «أباك ما أحسن» أو «ما أباك أحسن» كان محالا ، لأنّه ما نصب على التّعجّب لا يقدّم على التّعجّب لأنّه لم يعمل فيه فعل متصرّف فيتصرّف بتصرّفه. وكان الكسائي يجيز «أبوك ما أحسن» ، قال : لمّا لم أصل إلى نصب الأب أضمرت له هاء تعود عليه فرفعته بها ، والتّقدير : أبوك ما أحسنه. وقال الفرّاء : لا أجيز رفع الأب لأنّه ليس هاهنا دليل يدلّ على الهاء ، ولا أضمر الهاء إلّا مع ستّة أشياء : مع (كلّ) و (من) و (ما) و (أيّ) و (نعم) و (بئس).
وتقول : «عبد الله ما أحسنه» ترفع (عبد الله) بما عاد عليه من الهاء ، ترفع ما بما في (أحسن) والهاء موضعها نصب على التّعجّب.
وتقول : «عبد الله ما أحسن جاريته» من قول الكسائي ، قال : لمّا لم أصل إلى نصب الأوّل أضمرت له هاء فرفعته بها. والفرّاء يحيلها ، قال : ليس هاهنا دليل على الهاء.
وتقول في الاستفهام : «عبد الله ما أحسنه»؟ برفع (عبد الله) ب (أحسن) و (أحسن) ب (عبد الله) ، و (ما) استفهام ، والهاء موضعها خفض بإضافة (أحسن) إليها. فإن قلت : «عبد الله ما أحسن» كان محالا وأنت تضمر الهاء ، لأنّ المخفوض لا يضمر ، ولأنّ المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد فلا يفرّق بينهما ، فلا تضمر المخفوض وتظهر الخافض.