وتقول : «عبد الله ما أحسن» ترفع (عبد الله) بما في (أحسن) ، و (ما) جحد لا موضع لها وإذا قلت : «ما أحسن عبد الله» فأردت أن تسقط (ما) وتتعجّب قلت : «أحسن بعبد الله». وإذا أردت أن تأمر من هذا قلت : «يا زيد أحسن بعبد الله رجلا ، وإذا ثنّيت قلت : «يا زيدان أحسن بعبدي الله رجلين» و «يا زيدون أحسن بعبيد الله رجالا» ، وتنصب (رجالا) على التّفسير و (أحسن) لا يثنّى ولا يجمع ، ولا يؤنّث ، لأنّه اسم و (أحسن) ليس بأمر للمخاطب ، وإنّما معنى (أحسن به) : (ما أحسنه) قال الله عزّ وجلّ : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] ، معناه ـ والله أعلم ـ : ما أسمعهم وأبصرهم.
وتقول : «كان عبد الله قائما» فإذا تعجّبت منه قلت : «ما أكون عبد الله قائما» ، ف (ما) مرفوعة بما في (أكون) ، واسم كان مضمر فيها ، و (عبد الله) منصوب على التّعجّب ، و (قائما) خبر كان ، فإن طرحت (ما) وتعجّبت قلت : «أكون بعبد الله قائما» و «أكون بعبدي الله قائمين» و «أكون بعبيد الله قياما». و «أحسن بعبد الله رجلا».
قال الفرّاء : لمّا لم أصرّح برفع الاسم أدخلت الباء لتدلّ على المطلوب ما هو ، وتأويله : «عبد الله حسن» فلمّا لم تصل إلى رفع (عبد الله) جئت بالباء لتدلّ على المطلوب ما هو.
وإذا قلت : «ظننت عبد الله قائما» فأردت أن تتعجّب ب (ما) قلت : «ما أظنّني لعبد الله قائما» ، فإن قال : أسقط (ما) وتعجّب قلت : «أظنن بي لعبد الله قائما». ـ آخر ما كان بخطّ ابن الجرّاح.
مخاطبة (١) جرت بين أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج
وأبي العباس أحمد بن يحيى
في مواضع أنكرها وغلّطه فيها من كتاب (فصيح الكلام) مستخرج من كتاب (النّزه والابتهاج) للشّمشاطي (٢).
أخبرنا الشيخ أبو الحسن المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد الصيّرفيّ قراءة عليه ،
__________________
(١) انظر إرشاد الأريب (١ / ١٣٧) ، والمزهر (١ / ٢٠٢).
(٢) الشّمشاطي : علي بن محمد الشمشاطي العدوي ، عالم بالأدب ، له اشتغال بالتاريخ ، والشعر ، له تصانيف منها : النزه والابتهاج والأنوار في محاسن الأشعار ، والديارات ، وأخبار أبي تمام وغيرها.
(ت ٣٧٧ ه). ترجمته في إرشاد الأريب (٥ / ٣٧٥).