٦٨٣ ـ يا أيّها الذّكر الّذي قد سؤتني |
|
وفضحتني وطردت أمّ عياليا |
وكان القياس أن يقول : ساءني ، وفضحني ، وطرد ، لأنّ (الذي) اسم غيبة ولكنّه لمّا أوقع (الذي) صفة للذّكر وقد وصف المنادى بالذّكر جاز له إعادة ضمائر الخطاب إليه. ويوضّح لك هذا أنّك تقول : (يا غلامي) ، و (يا غلامنا) ، و (يا غلامهم) ، ولا تقول : (يا غلامكم) ، لأنّه جمع بين خطابين خطاب النّداء ، والخطاب بالكاف ، فلذلك وحّدوا التّاء في التثنية والجمع ، وألزموها الفتح في الحالين وفي خطاب المرأة إذا قلت : (أرأيتك) لأنّهم جرّدوها من الخطاب.
المسألة الثالثة (٢) : أمّا حدّ الاسم فإنّ سيبويه حدّ الفعل ولم يحدّ الاسم لما يعتور حدّ الاسم من الطّعن ، وعوّل على أنّه إذا كان الفعل محدودا ، والحرف محصورا معدودا ، فما فارقهما فهو اسم. وحدّ بعض النحويّين المتأخّرين الاسم فقال : «الاسم كلمة تدلّ على معنى في نفسها ، غير مقترنة بزمان محصّل» ، وإنّما قال : تدلّ على معنى في نفسها ، تحرّزا من الحرف ، لأنّ الحرف يدلّ على معنى في غيره. وقال : «غير مقترنة بزمان» ، تحرّزا من الفعل ، لأنّ الفعل وضع ليدلّ على الزّمان. ووصف الزّمان بمحصّل ليدخل في الحدّ أسماء الفاعلين ، وأسماء المفعولين ، والمصادر ، من حيث كانت هذه الأشياء دالّة على الزّمان ، لاشتقاق بعضها من الفعل ، وهو اسم الفاعل ، واسم المفعول ، واشتقاق الفعل من بعضها وهو المصدر ، إلّا أنّها تدلّ على زمان مجهول ، ألا ترى أنّك إذا قلت : «ضربي زيدا شديدا» احتمل أن يكون الضّرب قد وقع ، وأن يكون متوقّعا وأن يكون حاضرا.
وممّا أعترض به على هذا الحدّ قولهم : «آتيك مضرب الشّول ومقدم الحاجّ ، وخفوق النّجم» لدلالة هذه الأسماء على الزّمان مع دلالتها على الحدث الذي هو الضّراب ، والقدوم ، والخفقان ، فقد دلّت على معنيين.
وأسلم حدود الاسم من الطّعن قولنا : الاسم ما دلّ على مسمّى به دلالة الوضع. وإنّما قلنا : (ما دلّ) ولم نقل «كلمة تدلّ» ، لأنّنا وجدنا من الأسماء ما وضع من كلمتين ك «معدي كرب» ، وأكثر من كلمتين ك «أبي عبد الرّحمن» ، وقلنا : «دلالة الوضع تحرّزا ممّا دلّ دلالتين : دلالة الوضع ، ودلالة الاشتقاق ، ك «مضرب الشّول» وإخوته ، وذلك أنّهنّ وضعن ليدللن على الزّمان فقط ، ودللن على اسم الحدث لأنّهنّ
__________________
٦٨٣ ـ الشاهد لأبي النجم العجلي في المقتضب (٤ / ١٣٢) ، وأمالي ابن الشجري (٢ / ١٥٢).
(١) انظر أمالي ابن الشجري (١ / ٢٩٢).