المضمار العتاق الجياد وناضل عند الرّهان ذوي الأيدي الشّداد ، فقد جعل نفسه سخرة للسّاخرين وضحكة للضاحكين ، ودريّة للطاعنين وغرضا لسهام الرّاشقين.
العاشر : أظنّك قد غرّك رهط احتفّوا من حولك ، وألقوا السّمع إلى قولك ، يصدّقونك في كلّ هذر ويصوّبونك في كلّ ما تأتي وتذر ، ولم تمرّ بقراع الأبطال اللهاميم ، ولم تدفع إلى جدليّ مماحك يعركك عرك الأديم ، فظننت بنفسك الظّنون ، ورسخ في دماغك هذا الفنّ من الجنون ولم ترزق أديبا ولا ناصحا لبيبا. [الطويل]
٥٨٥ ـ فما كلّ ذي نصح بمؤتيك نصحه |
|
وما كلّ مؤت نصحه بلبيب |
فها أنا أقول لك قول الحق الذي يأتي في غير نفس أبيّة ، ولا يصرفني عنه هوى ولا عصبيّة ، فاقبل النّصيحة واتّق الفضيحة ، ولا ترجع بعد إلى مثل هذا ، فإنّه عار في الأعقاب ، ونار يوم الحساب ، هداك الله وإيانا سبيل الرشاد. انتهى.
انتصار إبراهيم ولد الجاربردي لأبيه
وقد تصدّى إبراهيم ولد الجاربردي لنصرة والده في رسالة سمّاها : «الصّارم في قطع العضد الظالم». فقال :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبه نستعين ، والعاقبة للمتّقين ، ولا عدوان إلّا على الظالمين ، والصّلاة والسّلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيّدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد : فيقول الفقير إلى الله تعالى إبراهيم الجاربردي :
بينما كنت أقرأ كتاب الكشاف في سنة ستين وسبعمائة بين يدي من هو أفضل أهل الزمان ، لا بالدّعاوى بل هو باتفاق أهل العلم والعرفان ، أعني من خصّه الله تعالى بأوفر حظّ من العلى والإحسان ، مولانا وسيدنا الإمام العالم العلّامة شيخ الإسلام والمسلمين ، الدّاعي إلى ربّ العالمين ، قامع المبتدعين وسيف المناظرين ، إمام المحدّثين حجة الله على أهل زمانه ، والقائم بنصرة دينه في سرّه وإعلانه بقلمه
__________________
٥٨٥ ـ الشاهد لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه (ص ٤٥) ، والحيوان (٥ / ٦٠١) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٤٣٨) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٦٣٦) ، ولأبي الأسود أو لمودود العنبري في شرح شواهد المغني (ص ٥٤٢) ، وبلا نسبة في الدرر (٥ / ٢٦٦) ، والكتاب رقم الشاهد (١٠٤٣) ، ومغني اللبيب (ص ١٩٨) ، وهمع الهوامع (٢ / ٩٥).