خبرا ، عمل فيه اسم فاعل محذوف مرفوض إظهاره ، نحو قولك : زيد خلفك ، والخروج يوم السّبت ، فالتقدير مستقرّ خلفك ، وواقع يوم السّبت.
فتأمّل جملة الكلام في هذه المسألة فقد أبرزت لك غامضها وكشفت لك مخبوءها.
وأمّا قوله : «شربي السّويق ملتوتا» فداخل في هذا الشرح. وأقول : إنّ (شربي) مضاف ومضاف إليه ، و (شرب) مصدر أضيف إلى فاعله ، و (السّويق) انتصب بأنّه مفعوله ، وخبره على ما قرّرته محذوف سدّت الحال مسدّه. فقولك (ملتوتا) كقولك في المسألة الأولى (قائما) ، غير أنّ الظّرف المقدّر في الأولى هو (إذا) ، والمقدّر في هذه محمول على المعنى ، فإن كان الإخبار قبل الشّرب أردت : شربي السّويق إذا كان ملتوتا ، وإن كان الشّرب سابقا للإخبار أردت : شربي السّويق إذ كان ملتوتا وبالله التوفيق.
رسالة الملائكة للمعري
إجابة على بعض المسائل الصرفية
قال أبو الفضل مؤيّد بن موفّق الصّاحبي في كتاب (الحكم البوالغ في شرح الكلم النوابغ) :
رسالة الملائكة : ألّفها أبو العلاء المعرّي على جواب مسائل تصريفيّة ألقاها إليه بعض الطلبة فأجاب عنها بهذا الطّريق الظّريف الطّريف المشتمل على الفوائد الأنيقة مع صورتها المستغربة الرّشيقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس مولاي الشيخ أدام الله عزّه بأوّل رائد ظعن في الأرض العارية فوجدها من النّبات قفراء ولا آخر شائم ظنّ الخير بالسّحابة فكانت من قطر صفرا. جاءتني منه فوائد كأنّها في الحسن بنات مخر فأنشأت متمثّلا ببيت صخر : [الطويل]
٦٩٥ ـ لعمري لقد نبّهت من كان نائما |
|
وأسمعت من كانت له أذنان |
(إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) [فاطر : ٢٢] ، (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [فصلت : ٤٤] ، وكنت في غيسان الشّبيبة أودّ
__________________
٦٩٥ ـ الشاهد منسوب إلى صخر بن عمرو بن الشريد في الأصمعيات (ص ١٤٦) ، والشعر والشعراء (ص ٣٤٥)،وبلا نسبة في كتاب العين (٤ / ٦٠)