كان عربيّا صحيحا فيجوز أن يكون اشتقاقه من غير لفظ الطيّب إلّا على رأي أبي الحسن سعيد بن مسعدة فإنّه إذا بنى فعلا من ذوات الياء مثل طاب يطيب وعاش يعيش يقلبه إلى الواو فيقول : الطّوب والعوش ، فإن كان الطّوب الآجرّ اشتقاقه من الطيّب فإنّما أريد به ـ والله أعلم ـ أن الموضع الذي بني به طابت الإقامة فيه. ولعلّنا لو سألنا من يرى طوبى في كلّ حين : لم حذف منها الألف واللّام لم يجر في ذلك جوابا. وقد زعم سيبويه أنّ الفعلى التي تؤخذ من أفعل منك لا تستعمل إلّا بالألف واللّام أو الإضافة ، تقول : هذا أصغر منك فإذا رددته إلى المؤنّث قلت : هذه الصّغرى أو صغرى بناتك ويقبح عنده أن يقال صغرى بغير إضافة ولا ألف ولام قال سحيم : [الطويل]
٧٢١ ـ ذهبن بمسواكي وغادرن مذهبا |
|
من الصّوغ في صغرى بنان شماليا |
وقرأ بعض القرّاء : وقولوا للناس حسني [البقرة : ٨٣] على فعلى بغير تنوين وكذا قرئ في الكهف : إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنى [الكهف : ٨٦] بغير تنوين فذهب سعيد بن مسعدة إلى أنّ ذلك خطأ لا يجوز ، وهو رأي أبي إسحاق الزّجّاج ، لأنّ الحسنى عندهما وعند غيرهما من أهل البصرة يجب أن تكون بالألف واللام ، كما جاء في موضع : (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) [الليل : ٩] ، وكذلك اليسرى والعسرى ، لأنّها أنثى «أفعل منك» وقد زعم (٢) سيبويه أنّ (أخرى) معدولة عن الألف واللّام ولا يمتنع أن تكون (حسنى) مثلها ، وفي الكتاب العزيز : (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) [النجم : ٢٠] وفيه أيضا : (آيَةً أُخْرى. لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) [طه : ٢٢ ـ ٢٣]. قال عمر بن أبي ربيعة : [الطويل]
٧٢٢ ـ وأخرى أتت من دون نعم ومثلها |
|
نهى ذا النّهى ، لا يرعوي أو يفكّر |
فلا يمتنع أن تعدل (حسنى) عن الألف واللّام كما عدلت (أخرى) ، وأفعل منك إذا حذف منه (من) بقي على إرادتها نكرة أو عرّف باللّام ، ولا يجوز أن يجمع بين (من) وبين حرف التعريف.
ماء الحيوان : والذين يشربون ماء الحيوان في النّعيم المقيم هل يعلمون ما هذه الواو التي بعد الياء وهل هي منقلبة كما قال الخليل أم هي على الأصل كما قال غيره من أهل العلم.
__________________
٧٢١ ـ الشاهد لسحيم عبد بني الحسحاس في ديوانه (ص ٢٦).
(١) انظر الكتاب (٣ / ٢٤٨).
٧٢٢ ـ انظر ديوانه (ص ١٢٠).