وقال السخاوي في (شرح المفصّل) : ويحتمل أن يكون (أقلّ) هنا فعلا ماضيا ، ويرتفع (ركب) على أنّه فاعل و (تئيّة) مفعول به والكلّ في موضع الصّفة ل (واديا) ، و (أخوف) على : ولم أر أخوف. قال الخفاف : و (واديا) مفعول (أرى). و (كوادي) صفة تقدّمت فانتصب حالا ، ويجوز أن يكون (كوادي) مفعول (أرى) ، و (واديا) تمييز بمنزلة : «ما رأيت كاليوم رجلا» ، و (أخوف) معطوف ، أي : وأخوف به منهم.
وبعد ضمير : أي يكون (أفعل) بعده ضمير مذكور ، وهو في المثال «في عينه» ، أو مقدّر : نحو ما حكاه أبو جعفر عن محمد بن يزيد من قولهم : «ما رأيت قوما أشبه بعض ببعض من قومك». وقال : رفعت البعض لأنّ أشبه له وليس لقوم. قال بعض شرّاح (التّسهيل) : تقديره ما رأيت قوما أبين فيهم شبه بعض ببعض من شبه بعض قومك ببعض ، فجعل (أشبه) موضع (أبين) واستغني به عن ذكر المضاف ثمّ كمل الاختصار بوضوح المعنى بالتّقدير : ما رأيت قوما أبين فيهم شبه بعض ببعض من قومك ، ثم حذف الضمير الذي هو فيه العائد على (شبه) وأدخل (من) على (شبه) فصار التقدير : من شبه بعض قومك ببعض ، ثمّ حذف (شبه) و (بعض) وأدخلت (من) على قومك ، وحذف متعلّق (شبه) وهو (ببعض) لحذف ما تعلّق به وهو (شبه) ، فبقي «من قومك» وهو على حذف اسمين.
وبعد نفي : تقدّم في المثال ، وشبهه : يعني به النّهي والاستفهام.
وقد اعترض عليه بعدم السماع في ذلك وليس موضع قياس.
وجوابه أنّه قد استقرّ أنّ النهي والاستفهام للإنكار يجريان مجرى النفي في أخوات (كان) الأربعة والاستثناء ، وتسويغ مجيء الحال من النّكرة في الفصيح إلى غير ذلك.
وصاحب أفعل : هو (رجل) في المثال. وصرّح بدر الدّين ولد الشيخ جمال الدّين بن مالك باشتراط كون الفاعل أجنبيّا فقال في شرح الخلاصة : «لم يرفع الظاهر عند أكثر العرب إلّا إذا ولي نفيا وكان مرفوعه أجنبيّا مفضّلا على نفسه باعتبارين» (١) ، وقد رأيت الإمام جمال الدين بن الحاجب اشترط السببيّة والإمام جمال الدين ساكت عن ذلك فنقول : إن قصد بدر الدين بالأجنبي نفي السببيّ الذي اتّصل بضمير الموصوف كما مثّل به في أثناء كلامه من «ما رأيت رجلا أحسن منه
__________________
(١) انظر شرح الخلاصة لبدر الدين بن مالك (ص ١٨٩).