الدّلالة على التفضيل أو : «يحسنه أبوه» أي : يفوقه لكنت قد جئت بغير الفعل الذي بني منه «أحسن» وفاتت الدّلالة على الغريزة المستفادة من (أفعل) ... عينه الكحل كحسنه أو يحسن الكحل كحلا ، فاتت الدّلالة على التفضيل في الأوّل ، وعلى الغريزة في الثاني انتهى.
وهذا تقدّم أنّ مثله يقال في المثال المستجمع للشّرائط ، وتقدّم الجواب عنه فليطابق بينه وبين هذا.
واعلم أنّ رفع أفعل الظاهر على ما هو المختار مشروط بالشّروط السابقة ، لكن هل هذا لأفعل من أو لأفعل في جميع استعمالها؟ لم أجد من شفى العليل في هذه المسألة والذي ينبغي أن يقال : إنّ هذا ينبني على الاختلاف في تعليل وجه قياس عدم عملها هل هو كونها لم تشبه الفعل كاسم الفاعل ، ولا الوصف المشبه للفعل ، وهي الصّفة المشبّهة في لحاق العلامات ، وهو ظاهر عبارة سيبويه ـ رحمه الله ـ أو كونها لم يوجد فعل بمعناها كما قاله الشيخ أبو عمرو وغيره. إن قلنا بالأوّل فينبغي إذا استعملت بالألف واللّام أن يجوز رفعها للظاهر فنقول : «هذا الرجل الأفضل أبوه» لا تثنّى وتجمع إذ ذاك ، وكذا إذا أضيفت لمعرفة نحو : «زيد أفضل الناس أبوه» لأنّه يجوز تثنيتها وجمعها حينئذ ، وإن قلنا بالثاني فلا ينبغي أن تعمل إلّا بالشروط والله تعالى أعلم.
فائدة
الكلام في قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢]
قال الشيخ جلال الدين البلقيني في رسالة لوالده :
هذه الآية تنقض القاعدة وتكثر الفائدة ، لأنّ حورا جمع حورا ، وهو جمع لعاقل ، وقد جاءت صفته على الجمع مراعاة للتّكثير على ما قالواه ؛ لأنّ (مقصورات) معناه : مجعولات في القصور ، فلو جاء على الإفراد لكان : «حور مقصورة في الخيام» ، كما قال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ) [الغاشية : ٨ ـ ٩] وكما قال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) [الغاشية : ٢ ـ ٣].
وأما قوله تعالى : (... أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ) [التحريم : ٥] فيتعيّن أن يكون من هذا القسم وأنّ (مسلمات) صفة مجموعة ، ولا يجوز أن يكون بدلا لأنّ البدل إنّما يجيء عند التعذّر ، وقد نصّ النحاة على أنّ قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٢ ـ ٣] يجوز أن يكون الموصول تابعا ،