أسعد الله صباحكم وأدام سعدكم ونجاحكم. لقد أبديتم أفنانا وقلّدتم امتنانا وأقول في الجواب والله الموفّق للصواب : إنّ قول الزّمخشري : «والمتلوّ في الكتاب في معنى اليتامى يعني قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) [النساء : ٣] الآية التي فيها ذكر اليتامى في الخوف ألّا يقسط لهنّ وهي المذكور فيها : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] فجوّز أن يكون «في يتامى النساء» بدلا من (فيهنّ) فيصير التقدير : والمتلوّ في الكتاب في الآية التي فيها ذكر اليتامى ممّا يتعلّق بالنّساء هو قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ،) وإذا اختصرت قلت : التقدير : قل الله يفتيكم فيهنّ والمتلوّ في الكتاب فيهنّ ، وذلك المتلوّ هو في الآية التي فيها ذكر اليتامى ، كما تقول إذا سألك سائل عن المحجور عليهم : العالم يفتيك فيهم والمقرّر في الجامع في حجر الصّبيّ ـ وكان قد ذكر في حجر الصّبيّ ما يتعلّق بعموم المحجور عليهم ـ وبذلك يظهر أنّ الجواب ليس أخصّ من السّؤال بل هو مساو له. وأمّا التعلّق فإنّ قوله (فيهنّ) يتعلّق بقوله (يفتيكم) ، وقوله : (في يتامى) يتعلّق بقوله (يفتيكم) أيضا على إعراب البدل. وإنّما يتعلّق بقوله (يتلى) على غير البدل.
وما ذكرتموه على الوجهين الآخرين ، فالبدليّة من «في الكتاب» لم يتعرّض لها الزّمخشري ، والبدليّة من (فيهنّ) قد تقدّم أنّها مساوية بما قرّرنا ، وهي متعيّنة على الاعتراض والقسم ، وصار التقدير : قل الله يفتيكم فيهنّ. ثمّ الكلام اعترض بقوله : والذي يتلى عليكم ثابت في اللّوح المحفوظ ، ثمّ عاد إلى تمام الأوّل وقال : («فِي يَتامَى النِّساءِ)» والتقدير : قل الله يفتيكم «فيهنّ في المذكور في قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] ، وذكر «في يتامى» للإعلام بموضعه. وعلى القسم يصير التّقدير : قل الله يفتيكم فيهنّ وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب. ثمّ عاد إلى تمام الأوّل بالبدليّة المذكورة وجوّز الزّجاج أن يكون (ما) في محلّ خفض ، قال : وهو بعيد جدا لأنّ الظاهر لا يعطف على المضمر. وهذا الذي قدّمته هو الذي ظهر بعد التأمّل ، وهكذا يكون التّرسّل ، والفقير يرغب إلى الله في أن تكون خليفتي ، وأكثر بذلك التّوسّل. اللهمّ أجب سؤالي وأصلح حال خليفتي وحالي آمين.
الاستغناء بالفتح المبين في الاستثناء في (وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ :) للشيخ سراج الدين البلقيني رحمه الله تعالى :
أمّا بعد حمد الله الذي جعل علماء الشّريعة هم أهل العلم المبين وأقامهم لحفظ الشّرع المحمّديّ وفهم الكتاب المبين ، ومنحهم الثبات في الدّين ، فسلّوا سيوفهم على الزّنادقة المارقين ، وجعل على منطقهم من الفصاحة ما يظهر لكنة منطق المتفلسفين ، وحفظ عقولهم السّليمة من رديء العقول ، فاستقاموا على