ماله في يده أو عامر؟ وهذا العجز مباين للصّدر. وهي مسألة عظمى وإن أحاط اللبيب بها علما.
والجواب عن ذلك :
أمّا البيت الأوّل : فقوله (إن) شرط ، و (نمى) فعل ماض من قولهم : نمى ينمي أي : ارتفع وزاد. و (زيدا) مفعول به ، (وسائرا) نصب على الحال. وقوله (ضل) من الضلال وهو ضدّ الهدى. و (السائر) فاعل ، وهو الذي نصب (زيدا). وتقديره : إن نمى السائر زيدا ، يعني أنّه ارتفع به وهداه إلينا في حال كونه سائرا من مكان حار فيه وضلّ.
وأمّا البيت الثاني : فهو مستحيل إن أخذ على لفظه ، إذ العشاء والسّحر وقتان متباينان ولا يجتمعان ، وإنّما المعنى فيه : ف (هو) مبتدأ ، (يأتي) : فعل مضارع ، (ناعشا) : حال من المضمر في الإتيان ، من نعشته أنعشه أي رفعته ، ومنه قول الشاعر وهو أبو حيّة النّميري : [الطويل]
٧٥٦ ـ إذا ما نعشناه على الرّحل ينثني |
|
مساليه عنه من وراء ومقدم |
ومسالاه : عطفاه ، وقد نصبهما على الظّرف لأنّهما في معنى ناحيتيه ألا تراه يقول : من وراء ومقدم. وتفسير هذا البيت أنّا إذا رفعناه على الرّحل لا يستمسك فيتثنّى في ناحيتيه من جانبيه. وهذا الشاهد أيضا من أبيات المعاني وهو ممّا يسأل عنه.
وقوله في البيت المتقدّم (ما له) : منصوب بقوله (ناعشا) أي : رافعا ماله في يده ، وصرف (سحرا) لأنّه نكرة يريد : سحرا من الأسحار. وقوله (أو عامر) عطف على المضمر في يأتي ، وطول الكلام سدّ مسدّ التأكيد. وتقريب معنى هذين البيتين : إنّ زيدا ضلّ في موماة فهداه إلينا السائر فيها فهو يأتي ناعشا أي : رافعا مكثرا ماله هو أو عامر. انتهى.
سبعة أسئلة كتب عليها جلال الدين البلقيني
ورد في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة من بلاد المغرب من الفقيه أبي بكر بن محمد بن عقبة أسئلة في النحو إلى الشيخ جلال الدين البلقيني فكتب عليها.
__________________
٧٥٦ ـ الشاهد لأبي حيّة النميري في ديوانه (ص ٧٨) ، والكتاب (١ / ٤٧٩) ، والأزمنة والأمكنة (١ / ٣٠٧) ، ولسان العرب (مسل) ، وبلا نسبة في مجالس ثعلب (١ / ٩٢).