قد تضمّن أنّه تعالى استوى إلى السّماء وأنّه سوّى سبع سماوات عقب استوائه إلى السماء ، فيكون قد أخبر بإخبارين ، أحدهما : استواؤه إلى السماء ، والآخر تسويته سبع سماوات. وظاهر الكلام أنّ الذي استوى إليه هو بعينه المسوّى سبع سماوات وقد أعرب بعضهم (سبع سماوات) بدلا من الضمير على أنّ الضمير عائد على ما قبله ، وهو إعراب صحيح نحو : «أخوك مررت به زيد» (١) انتهى. فقد منع الشيخ من البدل على عود الضمير إلى ما بعده لأجل عدم الارتباط ، وأجازه على عود الضمير على ما قبله لوجود الارتباط ثمّ قال بعد سياق أعاريب : «فتلخّص في نصب (سبع سماوات) أوجه : البدل باعتبارين (يعني باعتبار ما قبله وما بعده) والمفعول به ، ومفعول ثان ، وحال» ، قال : «والمختار البدل باعتبار عود الضمير على ما قبله ، والحال ، ويترجّح البدل لعدم الاشتقاق» (٢) انتهى.
والتعقّب المذكور في سورة البقرة نظير التعقّب المذكور في سورة الأحقاف وكلام الشيخ ـ رحمه الله ـ في ذلك هو الجاري على القواعد كما تقدّم. وقد تعقّب القطب في حاشيته على الزّمخشري ذلك فقال : «قوله : والضمير في (فسوّاهنّ) ضمير مبهم فيه نظر ، لأن الباب ليس بقياس وإنّما حمل المضمر في قوله : «ربّه رجلا» على أنّه مبهم لأنّ «ربّ» لا تدخل إلّا على النّكرات وهذا لا يوجد في (فسوّاهنّ)».
وأمّا السؤال الثالث : فقد أشار إلى ذلك ابن مالك في (التسهيل) في الكلام على المخصوص بقوله : «أو يذكر قبلهما معمولا للابتداء أو لبعض نواسخه ، أو بعد فاعلهما : مبتدأ أو خبر مبتدأ لا يظهر ، أو أوّل معمولي فعل ناسخ» (٣) : مثال المخصوص الذي ذكر قبلهما معمولا للابتداء «زيد نعم الرّجل» و «عمرو بئس الغلام» ، ومثال المخصوص المعمول لبعض نواسخ الابتداء في باب «كان» قول الشاعر : [الطويل]
٧٦٢ ـ إذا أرسلوني عند تقدير حاجة |
|
أمارس فيها كنت نعم الممارس |
وفي باب «إنّ» قول الشاعر : [مجزوء الكامل]
__________________
(١) انظر البحر المحيط (١ / ١٣٥).
(٢) انظر البحر المحيط (١ / ١٣٥).
(٣) انظر التسهيل (ص ١٢٧).
٧٦٢ ـ الشاهد ليزيد بن الطثرية في ديوانه (ص ٨٤) ، والدرر (٥ / ٢١٨) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٣٤) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٩ / ٣٨٨) ، وبلا نسبة في شرح أبيات سيبويه (٢ / ٣٧٩).